الاثنين، 30 سبتمبر 2013

الشهيد سيد قطب بعيدا عن السفهاء والجهلاء والمنافقين قاتلهم الله بعدله ورحمته!

الشهيد سيد قطب  صاحب رسالة الشاعر ومهمته في الحياة

لم يتيسر لي معرفة تراث الشهيد سيد قطب الثقافي والفكري والعلمي، الا بعد استشهاده بسنوات، وكنت قد قرأت كتابه «العدالة الاجتماعية في الإسلام»، الذي أصدره عام 1947 في العهد الملكي، مترجما إلى اللغة الانجليزية حين وجدته، قدرا، في مكتبة نيويورك، وأنا أبحث عن مراجع لبعض مواد دراستي في المسرح. وكان ذلك عام 1965، وكان اسم سيد قطب كفيلا بإلقاء الرهبة في القلب والاحساس بالخطورة، ذلك لأنني من الجيل الذي، ومنذ وعي، لا يعرف اسم سيد قطب الا متهما ومدانا وراء القضبان. أمسكت بالكتاب اقرؤه لأعرف أبواب الخلل في فكر هذا المتهم بالتخريب والارهاب والتآمر على أهداف «ثورة يوليو 1952»، والتي كما كانوا يقولون، تسعى لتحقيق «الاشتراكية العربية» الرامية الى «العدالة الاجتماعية». لم أصدق عيني ودعوة الكتاب منذ 1947 تندد بالظلم الاجتماعي، وتؤكد ضرورة صياغة «اشتراكية» نابعة من العقيدة الاسلامية. أدق بيدي على صفحات الكتاب وأقول لأصدقائي: هذا رجل نطق بكلمة العدالة الاجتماعية في العهد الملكي، وقت أن كانت الاشتراكية تعد من مفرادت الكلمات القبيحة! لم افهم بتاتا كيف يمكن لمثل هذا الكاتب أن يكون «هو» من أعداء «أهداف» يوليو 1952، وكيف يمكن أن يكون متآمرا على مصالح شعبنا الفقير، بينما كنت أرى أمامي موفدين من قبل نظام الحكم الناصري يبعثرون «العملة الصعبة» في تفاهات وشراء سلع استهلاكية، يعودون بها من «أمريكا» إلى أرض الوطن المزروعة بلافتات الصراخ ضد الامبريالية الأمريكية!

في 7 أغسطس 1966، عدت إلى مصر بعد غيبة ست سنوات متواصلة، قضيتها في الدراسة، على نفقتي الخاصة تماما، والعمل بالولايات المتحدة، ذهبت بعدها بأيام أتفقد اصدقائي أسلم عليهم، وكان من بينهم الكاتب أحمد بهجت بمبني الاهرام القديم، بشارع مظلوم بباب اللوق، وجدته واجما يهمس: «اليوم تم تنفيذ حكم الاعدام في سيد قطب»، لعله كان يوم 20 أغسطس 1966 وإن كان البعض يقرر أنه 29 أغسطس، بلعت غصتي، وتذكرت مآسي ومحن السابقين من الكتاب والمفكرين والمجتهدين، الذين نكل بهم الطغاة الأغبياء الجهلة: تذكرت ابن حنبل، وابن المقفع، وتاج الدين السبكي والكثير غيرهم من المعروفين أو المجهولين، في قوائم وسجلات أمة الإسلام المليئة بوجع القلب.

ظلت كتابات سيد قطب ممنوعة ومحظورة طوال المرحلة الناصرية من 1954 حتى 1970، لا تتوفر قراءتها لجيلي ـ من مواليد الثلاثينيات ـ حتى جاءت مرحلة حكم أنور السادات، حين بدأت ـ تدريجيا ـ السماح لدور النشر بالإفراج عن عمله الموسوعي الجليل في تفسير القرآن الكريم «في ظلال القرآن»، الذي مكنه الله سبحانه وتعالي بما يشبه المعجزة، من تنقيحه ومراجعته وزيادته، قبل استشهاده في ظروف المرض والتعذيب والآلام المبرحة في سجنه الطويل، حتى بلغ اكتماله الحالي ليصل الي ستة مجلدات بلغ مجموع صفحاتها 4012 صفحة، ثم اتسعت الانفراجة وتدفقت مؤلفات سيد قطب.

رغم أن مرحلة حكم السادات كانت بالنسبة لي شخصيا، سنوات قحط وظلم وعسف، ذقت فيها الحرمان من النشر، الذي استمر 12 سنة كاملة، مع الاعتقال وتلفيق القضايا الوهمية والاتهامات الجائرة من أغسطس 1971 حتى 25 مارس 1983، إلا أنني اشكر لتلك الحقبة الساداتية أنها مكنتني من قراءة مكتبة سيد قطب كاملة والحمد لله، وأذكر حينما انتهيت من إتمام قراءة «في ظلال القرآن»، الذي أعود إليه كثيرا، أنني كنت متعجبة من البشاشة والهدوء وأجواء السلام، التي تنبعث من سطور تلك المجلدات، كأنها لم تكن مكتوبة من وراء قضبان، ولا في وقفات الاستراحة الخاطفة بين وجبات التعذيب، ودورات التحقيق وظلمات الظلم.

وكان ما استلفت اهتمامي كتيبه الجميل تحت عنوان: «مهمة الشاعر في الحياة»، الذي صدر في الطبعة الأولى عام 1932، واقتنيته في مايو 1975، ويقع في 98 صفحة، في طبعة دار الشروق، وقدم له الدكتور محمد مهدي علام أستاذ التربية بدار العلوم بكلمة مؤرخة 28 فبراير 1932، وهذا يعني أن سيد قطب نشر هذا الكتيب، وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره.
.
يبدو كتيب «مهمة الشاعر في الحياة»، كأنه عريضة دفاع عن الشعراء الجدد عام 1932، وتبشير بنهضة جيل من الشباب، يحرث أرض الشعر ويسقيها الحيوية والعافية، ولكنني بعد كل هذه السنوات، وعلى ضوء كل كتابات سيد قطب وملحمة حياته وقلمه حتى استشهاده، أجده الخريطة الكاشفة لمهمة سيد قطب في الحياة، والتي حددها لنفسه منذ البداية واستقام عليها، نافية ما ظنه البعض من تحولات وتغيرات وانتقال. يقول سيد قطب في تقديمه للكتيب: «هذا مجهود ضئيل صغير الحجم، أعد ليكون محاضرة فحسب.. والذي أريد أن أقوله في مقدمة هذا المجهود الضئيل الصغير الحجم: أن أهم ما فيه اقتناعي بما فيه، اقتناعا كاملا متغلغلا في نفسي، حتى لهو جزء من عقيدتي، أدافع عنه كما يدافع كل مؤمن عن عقيدته.. ».
 
وبعد ان يتكلم عن: من هو الشاعر، الخيال في الشعر، ذوق الشاعر، التعبيرات الشعرية، شخصية الشاعر، ينهي كتيبه بكلمات غاضبة لاسعة تقول: «.. لاحظتم في كل النماذج التي أخذناها لشعرائنا الناشئين لمحة من البؤس الصامت أو الصارخ، وبعضكم يعجب بهذه الظاهرة المتشائمة الشاكية.. ولكن ذلك في نظرنا دليل صدق هؤلاء الشعراء وسلامة فطرتهم، فهم صورة من النفسية المصرية العامة في هذه الفترة.. مدوا أبصاركم في كل نواحي الحياة المصرية ألا ترون التصادم بين القوى الناشئة والظروف المحيطة التي تناوئها مناوأة قاسية؟ ألا تسمعون الصيحات داوية بالألم والاستنكار من كل جانب؟ فعلام اذن لا يكون كذلك الشعر؟.. علام يغرد الشعراء بأناشيد الفرح والمراح، وكيف تدب روح النشاط الطروب في الفنون؟ هل انتصرنا في موقعة حربية على جيوش الأعداء؟ افتحنا في العالم فتحا جديدا؟ لا.. أحصلنا على استقلالنا المغصوب؟ أنتنفس بحرية في أي جو من الأجواء؟.. كل ما في البلد جدير بالشكوى وكل ما فيها يلذع بالألم.. وإن التألم والشكاة لدليل عدم الرضاء، ودليل السعي لتغيير هذه الحال.. ولو إن هذه الشكوى الدائبة صمتت اليوم أو انقلبت الى لهو ومراح، لكان ذلك دليلا على الموت والاضمحلال.. إن الذين يهزلون اليوم أو يغنون ويمرحون هم أحد فريقين: فريق أناني مجرم لا يعنى بهذه الأمة، ولا يحفل بآلامها لأنه في ظل نعمة.. وفريق ميت الوجدان، ذليل الكرامة، لا تنبض به حياة إلا كالدواب والجراثيم...».

كتب سيد قطب هذه الكلمات ونشرها في ظل حكم الملك فؤاد الأول، وتحت وطأة الاحتلال الانجليزي في العام الذي توفي فيه الشاعران حافظ إبراهيم وأحمد شوقي، واستغرق مشواره في الحياة 60 عاما، الا 51 يوما ما بين يوم مولده في 9 أكتوبر 1906 في قرية صغيرة من قرى صعيد مصر اسمها «موشا»، تقع في زمام محافظة أسيوط، حتى يوم 20 أو 29أغسطس 1966 حين قدم عنقه قربة لوجه الله  ليلتف عليه حبل مشنقة ظالمين جبارين، من «دون تلعثم أو تحرج» على حد تعبير له كتبه في واحد من مقالاته التي نشرها في 2 أغسطس 1951 .

رحم الله الشهيد سيد قطب ولعن قاتله!

طفل من القرية

لم أستطع أن أضع يدي على هذا المرجع الهام "طفل من القرية"، الذي يُستشهد به عند الكتابة عن حياة وطفولة الشهيد سيد قطب، حتى أهداني أستاذي وصديقي الناقد العلامة وديع فلسطين نسخة مُصورة من الكتاب كان سيد قطب قد أهداه إليه في 28 \3\1946 موقعا: "هدية إلى الأديب الفاضل وديع فلسطين مع مودتي، المخلص سيد قطب".

يفتتح سيد قطب كتابه "طفل من القرية" متوجها بكلامه: "إلى صاحب كتاب الأيام الدكتور طه حسين بك، إنها يا سيدي أيام كأيامك، عاشها طفل في القرية، في بعضها من أيامك تشابه، وفي سائرها عنها إختلاف؛ إختلاف بمقدار ما يكون بين جيل وجيل، وقرية وقرية، وحياة وحياة، بل بمقدار مايكون بين طبيعة وطبيعة، واتجاه واتجاه، ولكنهاـ بعد ذلك كله ـ أيام من الأيام".

يحدد سيد قطب تاريخ إنتهائه من مؤلفه 1 \ 7\1945، وقد بلغ مرحلة نضجه 39 سنة، مشيرا إلى أنه يرجع بذكرياته إلى "ربع قرن من الزمان" فهي "صور من حياة القرية التي عاصرت طفولتي ..."، وهذا يعني عام 1920 الذي ترك فيه قريته لإستكمال دراسته بالقاهرة وهو في الرابعة عشرة من عمره، وقد رأى أن تسجيل تلك الصور من قرية طفولته بمثابة "... إحتفاظ بصفحات من الحياة القومية والتاريخ الحديث في سجل الفنون، والكثير منها لايزال يعيش، ولكن أهل المدينة المترفين لا يكادون يتصورونه، لا في عالم الواقع ولا في عالم الخيال، وفي تسجيله هنا مايطلع الجيل الجديد على صور من الريف القومي بخيرها وشرها لعل لهم رأيا فيما ينبغي أن يبقى منها وما ينبغي أن يزول!"، ويقدم 12 صورة منها: المجذوب، ضابط الجمباز، بعثة طبية، سيد الحكيم، حركة ثقافية، قانون اللصوص، جمع الأسلحة، أحزان الريف. وإذا كنا نعرف أن سيد قطب ولد في 9 أكتوبر 1906 فهذا يعني أنه حين يعود إلى بداية وعيه الطفولي في سن الرابعة يكون قد بدأ تسجيل صور من حياة قريته سنة 1910 ويكون كتابه قد غطى عشر سنوات من تلك الذكريات التي ينهيها بأسطر من فصل "أحزان الريف" كاتبا:
"وترتد القرية إلى ظلامها الدامس، وإلى حرمانها الموروث، وإلى أحزانها التقليدية، فتجتر هذه الأحزان، التي تسميها أغلاب الزمان: غلب الفقر، وغلب الحرمان، ثم غلب الجور من الحكام، فالريفي مرهق أبدا بالحكام...... ثم سُخرة الجسور، وسُخرة تنقية الدودة في مزارع الأثرياء، وتفاتيشهم خارج القرية، ومكافحة الجراد، وما لا يحصى من هذه المأموريات التي يحس القروي فيها أنه سائمة أو حمار شغل على الدوام، ثم غلب الكد المتواصل في الأرض والزرع لتوفير قوته من الذرة وياليته يجدها على مدار العام، ثم غُلب التقاليد، وبخاصة على المرأة التي لا ترتفع في نظر الرجل عن السلعة.........".

بعد "طفل من القرية" قدم سيد قطب كتابه "العدالة الإجتماعية في الإسلام" سنة 1947، ولست أدري هل قرأ جمال عبد الناصر هذه الكتب كما قرأ لتوفيق الحكيم "عودة الروح"؟ وكيف سُوّل له ظلم نفســـــــــه بقتل سيد قطب 20 أغسطس، وفي قول آخر 29 أغسطس، 1966؟

 مسكين عبد الناصر!

الأحد، 29 سبتمبر 2013

كرامات أحمد المسلماني بعد استحواذه على الرئاسة: ممنوع المساس بزويل رغم أنف القانون!

من ملف العدوان الزويلي على جامعة النيل، ومازلنا ننادي كما نادينا من قبل:

أزيلوا زويل!

كان أن صدر القرار غير الموفق بتمكين الزويليين من الإستيلاء على جامعة النيل، إعتصم الباحثون الشباب اعتصاما سلميا دفاعا عن جامعتهم، صرّح واحد من مجلس أمناء زويل، الدكتور محمد غنيم، بأن الإعتصام فوضى وحرّض المسئولين على ضرب المعتصمين "بيد من حديد"، ومن ثمّ جاءت قوات الاقتحام بعين حمراء شديدة البأس، يوم الإثنين 17 سبتمبر  2012 الموافق أول الشهر الحرام ذو القعدة 1433 الموافق 7 توت من السنة القبطية 1729، وهتكت ستر الحرم الجامعي للنيل؛ ضربت الرجال وسحلت النساء وألقت القبض على المجني عليهم.  كنت، على غير عادتي، أتابع على شاشة فضائية شريط الأخبار وأصابني الهلع وأنا أقرأ أنباء الإقتحام الزويلي الغاشم، ثم أصابني التقزز وأنا أسمع  صاحب برنامج يشير باستهانة إلى الباحثين الشباب على أساس أنهم مجرّد "طلبة" (كأن الطلبة يستحقون الاستهانة)، هرعت في جزع بالغ أبحث عن مُغيث حتى توصلت إلى رقم هاتف الدكتور ياسر علي، لم يتفضل الدكتور ياسر علي  بالرد على محموله، عنّفت نفسي وأنا أفكّر في أسماء أخرى؛ ماذا يامؤمنة؟ الله ملاذي فكيف أفكر فيمن هم دونه؟ مايحدث طامة كبرى لابد أن يكون كل من أفكر في الاستغاثة بهم قد علموا بها ومع ذلك لم يتداركوها وآثروا أن "يطنّشوها"، "ليس لها من دون الله كاشفة"؛ فسجدت أدعوه: اللهم إنّا نستدفع بك عنا أحمد زويل ومجلس أمنائه وهيئة الدفاع عنه والمؤيدين لجبروته والمخدوعين بتضليل حملاته الدعائية وكل من يؤازر عدوانه  وخطره وأنت بهم عليم يارب العالمين.

قالت الباسلة جوانا جوزيف مقولتها الدقيقة: "الأمر أوضح من أن نشرحه"! وقال النقي التقي الأستاذ الدكتور ابرهيم بدران مافيه الكفاية، و بسط  الدكتور عبد العزيز حجازي شارحا وموضحا ومؤكّدا كل الحقائق المطلوبة، وقال القائلون أساتذة الجامعة وأهلها من بعدهم ما من شأنه أن يحث المسئولين على التدخل الفوري "بيد من تحرير" لفك أسر الجامعة الشهيدة وإعادة الأمن والطمأنينة للمروّعين والعاكفين بإصرار على مواصلة دراستهم في العراء أمام مبانيهم المُغتصبة بقرار من مجلس به وزراء للبحث العلمي والتعليم العالي والتربية والتعليم ولا حول ولا قوّة إلا بالله!

وكان أن بسطنا المطلب العاجل وهو: إزالة زويل؛ هذا العالم الأمريكي المستشار العلمي للإدارة الأمريكية والمبعوث العلمي لها إلى أرض مولده جمهورية مصر العربية ليبيع لها الترام؛ بآلية التحايل القديمة التي أوقعت الهنود الحمر لخسارة أرضهم مقابل حفنة من الخرز الملوّن، والحائز على جائزة وولف عام 1993 من الكيان الصهيوني (وهذا كلام ليس من باب فتح ملفات قديمة كما إدعى أحدهم لأن الملف، وما به أكثر مما ذكرت، لم يُغلق ولم يُسحب ولم يُعتذر عنه ولم تُرد مكاسبه!)، وأحد أقطاب المُطبّعين مع القتلة والسفاحين ومدنّسي المسجد الأقصى.


 النداء قائم حتى الآن ومُوجّه لكل من يهمه أمر البلاد والعباد: أزيلوا زويل؛ هذا المتعجرف الجاهل بأقدار باحثينا الأجلاء؛ الناحتين في الصخر والصابرين على قلة الزاد ووحشة الطريق، أزيلوه فورا هو ومستوطنته، ليس من فوق صدر جامعة النيل فحسب بل من فوق صدر بلادنا بأسرها وضعوا نصب أعينكم البدهية التي يتم تجاهلها في معمعة الجدال والمهاترات ألا وهي: "البحث العلمي أمن قومي" فاحموه من احتمالات الإختراق مثل كل حدود مصر الواجب أمانها وتأمينها، فهي الأولى بعدم المساس!

السبت، 28 سبتمبر 2013

اللهم يا قاصم الجبارين إنا نستعين بك على أحمد زويل وزمرته وأعوانه فأعنّا بحولك وقوتك ورحمتك:

استقال الدكتور عبد العزيز حجازي احتجاجا على التحدّي البالغ لأحكام القضاء وإصرار المسئولين على جعل أحمد زويل فوق القانون، وأعيد هنا ماكتبته ونشرته بجريدة الوطن 8 سبتمبر 2012 إنعاشا للذاكرة والله على ماأقول شهيد.


البحث العلمي أمن قومي
مع تأييدى لكل أشكال الاحتجاجات التى قام ويقوم بها طلبة وأساتذة جامعة النيل، المظلومة والمغدورة والمأخوذة مبانيها والمشتتة أبحاثها، أسمح لنفسى بالتدخل فى حكاية «البحث العلمى» بصفتى مواطنة مصرية نشأت وترعرعت فى بلد لم يتوقف فيه لحظة واحدة نداء ملأ أذنى منذ نعومة أظافرى: «حى على الفلاح، حى على البحث العلمى»؛ بما يعنى أن التنبيه إلى ضرورة وأهمية «البحث العلمى» فى مصر ليس اختراعا «زويليا»، كما يحب البعض الإيحاء بذلك، فهو بدهية حضارية تصبو إليها الدول الساعية إلى إثبات جدارتها والجلوس شامخة فى صالون الأمم ذات الحيثية العلمية المساهمة فى خدمة الإنسانية ورفعة شأن الوطن، ولا أدرى كيف دلف اسم الأستاذ الدكتور أحمد زويل بصفته الراعى العلمى والإدارى والإعلامى المهيمن على البحث العلمى فى جمهورية مصر العربية، فلقد وجدنا أنفسنا نؤخذ فى غمضة عين إلى ماتم تسميته «مدينة زويل العلمية»، وبين ضجيج الطبول وصفير المزامير وسرسعة المزازيك المختلفة ألقى فى روع الجميع أن السيد زويل قد أتى إلينا بما لم يأت به أحد من قبل، بأصالة كونه الحائز على جائزة نوبل، وهى جائزة لا أحمل لها مع كثيرين فى العالم أى احترام أو ثقة لظلالها المشبوهة سيئة السمعة، لكن هذا لا يدخل فى حساب رفضى لهيمنة زويل والتنبيه لضرورة اتخاذ الحذر لمنع اطلاعه على أسرار البحث العلمى فى مصر، لكونها من مقتضيات الأمن القومى للبلاد، وهذا الحذر ليس لكونه أمريكى الجنسية فحسب بل لكونه مستشار الإدارة الأمريكية، والحائز على جائزة وولف فى الكيمياء من الكيان الصهيونى عام 1993، التى استلمها بنفسه فى زيارته لإسرائيل داخلا فى قائمة المطبعين معها من دون أى تأثم أو حرج.
لقد تصور البعض أن الدكتور زويل ربما قد جاء لمصر بدعم مالى هائل استبسالا منه لتحقيق المرجو لأرض مولده ولكن الأمر لم يمهل الظانين به ظن الجود والعطاء وافتداء الوطن فقد توضح للجميع، بما لا يدعو للشك، قيام دعوة لحث المصريين على التبرع لـ«مدينة زويل للبحث العلمى»، ونهض سماحة المفتى الأستاذ الدكتور على جمعة مصاحبا الدكتور زويل فى كل جولاته الإعلانية والإعلامية داعيا بنفسه لجمع التبرعات؛ بما لم نرتضه بتاتا لمكانة «مفتى الديار المصرية» وواحد من علماء ديننا الأجلاء، وصرنا لا نشاهد الدكتور زويل إلا فى صحبة الرؤساء والوزراء وكبار المسئولين؛ مُجتمعا بالباحثين وذوى المكانة العلمية نائلا هالة استثنائية من الأهمية، لم ينلها الدكتور فاروق الباز ولا الدكتور مجدى يعقوب، مما دفع بعض الأساتذة من الكتاب إلى هيستيريا المبالغة حيث لم يجدوا أن هيمنة زويل على البحث العلمى تكفى فهتفوا به فى عناوين مقالاتهم رئيسا توافقيا لجمهورية مصر الثورة!
إن جدية النظر فى مشروع البحث العلمى يجعلنا لا نحيد عن حمايته من الاختراق: فهو أمن قومى، ومن ثمّ لا بد من قرار مخلص سريع يعيد لجامعة النيل مبانيها وحقوقها ومكانتها العلمية، ليس هذا فحسب بل يلغى ويزيل ويمحو بالضرورة، إلغاء وإزالة ومحوا سريعا وتاما، مستوطنة العالم الأمريكى الأستاذ الدكتور أحمد زويل المدعوّة: «مدينة زويل للبحث العلمى» التى أقامها من أقامها فى غفلة منا ضارة بالبلاد والعباد.

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

مرض حُب الطغاة!


تأملوا معي المعاني التي تغنى بها كبار مطربينا، وعلى رأسهم أم كلثوم وعبد الوهاب، تأملوا معي أغنية تدور مدلولاتها حول: «لي لذة في ذلتي وخضوعي/ وأحب بين يديك سفك دموعي»، وكانت من أشهر أغنيات أم كلثوم في مطلع القرن العشرين، وتابعوا القائمة الطويلة والتراث المتراكم من أغنيات وأشعار الحب المتسول الخانع الذي يرفع شعار غناه عبد الوهاب: «أحبه مهما أشوف منه ومهما الناس قالت عنه..... بيظلم فيّ وبحبه وده قاسي عليّ وبحبه...آه...آه...آه...أنا أحبه». وحين يخطر ببال مشمئز من هذا الانسحاق أن يقول: «حبّك بُرص»، يطلع من يعود بعبد الوهاب يرد مؤكدا: «مولاي وروحي في يده/ قد ضيعها سلمت يده....»، وتزاحمه من تقول: «يا لايمين في الهوى حوشوا الملام عني».

ولأن أم الكلثوم هي قمة الغناء والطرب، فقد يجوز لنا أن نحملها مسئولية إشاعة مرض حب الطغاة، فلقد أبدعت، من بدايتها إلى نهايتها هي ومؤلفوها وملحنوها في تزكية ذلك الاتجاه المؤدي إلى الابتلاء بحب الظالم، المفتري، الوغد، الذي يمسح بالمغرمين البلاط ويعصرهم ويرميهم في الجردل، ثم يسعّف بهم السقف – بصفتهم رأس عبد – ويملأهم بالعناكب ومع ذلك يغنون خلفها بتناحة: صعبان علّي أقول لك كان والحب زي ما كان وأكتر/ وأفكرك بليالي زمان وأوصف في جنتها وأصور....أيام ما كنا احنا الاتنين: إنت ظالمني وأنا رااااااااضي! وحين يحاول أحدهم أن يستعين بعبد الوهاب: «أوعى يا قلبي تكون حنيت للي شكيت منه وبكيت....»، تأتي أم كلثوم بالحجة: «...إنت العذاب والضنى والعمر إيه غير دول؟»، ويستسلم القطيع لمصاص الدماء النموذج في أغنية: «يا للي كان يشجيك أنيني.. كل ما اشكي لك أسايا»، ومع هذه الاستكانة المروعة، لهذا الذي يشجيه الأنين، تصهلل أم كلثوم: «عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك...»؟، ومعها جماهير السرادقات الذين وقعوا في براثن حب القتلة والسفاحين يواصلون التلذذ بجعير غليظ تبثه الفضائيات: «كان منايا يطول حنيني للبكا وإنت معايا».

الخميس، 26 سبتمبر 2013

التطرف العلماني يحكم:

سكتنا له دخل بحماره!

 فيما عبر عنه بعض الكتاب بأنه التطرف العلماني مقابل التطرف الديني، والإرهاب، و«الدينوقراطية»! تتبدى الحقيقة التي لا لبس فيها وهي أن الخلط، (الذي اعتمده البعض بالمصطلحات غير الإسلامية ومحاولة إقحامها على «الإسلام»، قاصدين أو جاهلين، مثل «الأصولية»، و«الثيوقراطية»، و«المدني» و«الديني»، حتى صارت مفردات النقد والنقاش والجدال و«المحاور» الثقافية)، قد أدى بنا، في منطقتنا العربية والإسلامية إلى زياط وهرج ومرج والتباسات شديدة تخلقت معها فتن عظيمة أوصلتنا إلى الالتصاق بظهورنا إلى الحائط لنقول بصوت واهن: «الإرهاب ليس الإسلام، الإرهاب غير المقاومة، يمكننا أن نكون مسلمين وغير إرهابيين... إلخ». وفي هذا الركن المتخاذل المهين، الذي زُجّ بنا فيه، تشجعت عقيرة الأعداء المتوارين ليعلنوها صراحة: «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين». كأن «الإسلام» مجرد «دين». كأن رسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأ علينا تنزيل الوحي الإلهي في سورة «النساء»، الآية 65: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً»، وكأن الخليفة الراشد أبو بكر لم يقرر «سياسة» حكمه بهذه المقولة الحاسمة: «أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم».

لقد قلت منذ سنوات بعيدة للأستاذ الدكتور لويس عوض، وكان يكتب عن «الثيوقراطية»، أي الدولة الدينية في تاريخ الحضارة الغربية: «يا دكتور نحن لسنا على استعداد لسداد فواتير أخطاء الكنيسة الغربية وما فعلته بالدول الأوربية!».

العقيدة الراسخة لدى المواطن المسلم، على أرض الإسلام، أنه يجب أن يُحكم بالإسلام وقوانين الإسلام، ومنذ أرغمنا في بلادنا على صياغة القوانين وفقاً للقانون الروماني تارة، والفرنسي تارة أخرى، وغيرهما، ومحاولة تمريرهما على الناس بكلمة غير فعالة تقول في الدستور: «دين الدولة الإسلام»، منذ ذلك الحين ونحن في ارتباك شديد وتخليط لا يرضى عنه أحد، فلا هو أراح المواطن المسلم، ولا هو أراح غير المسلم، ولا هو أشبع العلماني اللا ديني الذي يجهر الآن بالمطالبة بإلغاء فقرة «دين الدولة الإسلام» من الدستور، لتكتمل أركان «الدولة المدنية»، التي يرونها أملهم المنشود لتكبيل المسلم على أرضه وإغلاق فمه إلى الأبد فلا ينطق بحرف من قانون الشرع الإلهي، وتتحول شهادته: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، إلى همسة خافتة يتعهد بها في صلاته ويخالفها على مدار حياته اليومية، ويصبح كل معارض لهذا «المصير»: أصولياً، إرهابياً، ثيوقراطياً، متآمراً على «الدولة المدنية»! ومن لا يصدقني يتفضل بمراجعة مسيرة تلك الحرب المُعلنة على الإسلام، من قبل سنة رئاسة محمد مرسي وأخطاء الإخوان المسلمين ومن قبل تخاريف زيد وعبيد وتشويهات التديُن الفظ، وهاكم على سبيل المثال مقال نشرته جريدة «القاهرة»، التي تصدر بالقاهرة عن وزارة الثقافة المصرية، بتاريخ 20/12/2005، صفحة 8، تحت عنوان : «أبعاد المؤامرة الأصولية على علمانية مصر ومستقبلها الاجتماعي» بقلم طلعت رضوان، وكذلك مقال مراد وهبة في مجلة «المصور» القاهرية، بتاريخ 23/12/2005، بعنوان: «من السنهوري إلى البشري»!

 إن خندق العلمانيين واللادينيين به الذي لا يُعد ولا يُحصى من الافتراء على دين الله الحق بما يُثلج القلوب القاسية التي لا ترتاح إلا بإذلال المسلمين و تهميشهم على أرضهم إفساحا لحرية كل ملّة ودين إلا ملّتهم ودينهم، هؤلاء الذين يزكون اليوم تركيا الكمالية ضربا لأي تنفس إسلامي له حق التعبير عن غالبية الشعب التركي. وصدق المثل القائل: «سكتنا له، دخل بحماره»!
>                                                                                                                         


مانشيت وتعليق:

# "لا أحزاب على أساس ديني"!
مانشيت جريدة الأهرام.

# لا أحزاب على أي أساس!
ما خطر على بالي فورا.

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

اليوم أحتفل بعيد ميلاد بابا شارو وعائشة صالح:

بابا شارو هو الرائد الإذاعي النابغة محمد محمود شعبان الذي غذى طفولة جيلي بأروع مستوى من التربية والتعليم والتثقيف والإمتاع عبر برنامجه: "حديث الأطفال" الذي كان يذاع الجمعة في العاشرة صباحا والثلاثاء في الخامسة والنصف عصرا، وهو صاحب "ألف ليلة وليلة" و "الأغاني للأصفهاني" و "مرزوق" (صاحب السلطانية)، و"الراعي الأسمر" و الكثير من الأعمال الإذاعية الباهرة؛ وقد وُلد 25 سبتمبر 1912 وتوفي إلى رحمة الله 9 يناير 1999، ويوم ميلاده يوافق يوم ميلاد زميلتي وصديقتي الغالية عائشة صالح المولودة 25 سبتمبر 1934 والمتوفية 2 يناير 2011، وأعيد هنا ملابسات وفاتها إهمالا كما كتبتها في حينها.

 عائشة صالح التي لم يمهلها المرض

ربما لايكون عنواني دقيقا، ربما كان الأوفق أن أقول: التي قتلها خطأ المعالجة الطبية وتهرب المسؤول. عائشة مرضت فجأة لكنها ذهبت، صباح الأربعاء 29\12\2010، على قدميها المستشفى للعلاج مستبشرة وتتوقع العودة لبيتها في اليوم نفسه، كما أفهمها الطبيب، تسألني الدعاء أن تكون الخطوة التمهيدية "البسيطة" كافية للدخول في العملية الرئيسية الناجعة المنتظرة للقضاء على العلّة يوم الأحد 2\1\2011. لم تتم الأمور كما ينبغي فقد فشل الطبيب في إتمام "الخطوة" وأخفى فشله وتنصّل. وجدنا عائشة في حالة مُبهمة لايمد لها الطبيب فيها يد العون على مدى أربعة أيام طويلة عريضة، لا تأكل ولا تشرب ولا تزوّد بالمحاليل، حتى أغاثها الله سبحانه بالرحيل، فجر اليوم الذي كان قد تحدد، وهْما، لإجراء العملية الأحد 2\1\2011، وهكذا سافرت عائشة صالح إلى "البلد المجهول الذي لايمكن لأحد أن  يعود منه"، على حد قول وليام شكسبير في وصفه الموت!

عائشة صالح صديقتي وزميلتي التي لا يعوضني عنها أحد، وتفسير ذلك يأتي في سياق مقالي "سر الكتابة عند عائشة صالح"، الذي كتبته في حياتها وأحب أن أعيد نشره اليوم على ساحة "المصور" التي جمعتنا لسنوات.
***

 سر الكتابة" عند عائشة صالح هو: أن يريد ناشرها كتابتها بحماس، فينطلق قلمها على الفور، وهذا هو "سر الكتابة" عندي كذلك، بل لعله سر الكتابة على وجه العموم. عندما تغضب عائشة صالح تبلغ حد خصام نفسها، تقصف قلمها بيدها لا بيد غيرها، وتلقي بمكتبها من الشباك، وتعلن القطيعة الكاملة مع كل النوافذ. ساعتها أهرع إليها وأبذل كل جهدي لإنتشالها من الغرق والخشية تتملكني من أن تشدني دوامة غضبها معها ونختفي سويا تحت عنف التيارات.

عائشة صالح صديقتي، بل هي من أعز صداقاتي رغم أن لقاءاتي معها يمكن أن أعدها على أصابع يدي، لكننا نتواصل هاتفيا كل صباح. صداقتي الحميمة بكتاباتها كانت الأصل، فأنا من هؤلاء الذين تبدأ صداقاتهم أولا بالكتابة فإذا تمكنت مني صرت أبحث عنها وعن صاحبها، شوقا إلى الفن وحماسا للإجادة وإخلاصا للعناية.

 تنشر عائشة صالح هنا أو هناك وأنا وراء كتابتها أينما كانت قارئة فرحانة بفنها في كتابة المقال  والحوار ورسم الشخصية ولا يمكن أن يفوتني السطر من كتابتها.

حين ندخل مقال عائشة صالح نجدها براحتها؛ تفرش بساطها وتشرب قهوتها وتسقي زرعتها وتتكلم عفويتها بخواطرها وتداعياتها ومقاطعاتها، ساخرة من نفسها، وإن لم تنس أن تضرب بشكل مباغت من تسول له نفسه الدوس على طرفها. تختار موضوعاتها وشخصياتها لتنسج معها علاقة تفاعل؛ تحاور الشخصية لتطرح بالحوار كل مايعن لها طرحه وقوله والتنويه عنه.

 عند لحظة فعلها "الكتابة" يشرئب معها التاريخ والثقافة والكتب التي تتغذى عليها كدودة الحرير، تخرج تجاربها مع الإنصاف والخذلان وحين تطفو أشجانها تجدف لها بالقفشات حتى تنجو من بحر الغم. إذاكنا نفهم معنى "مونو دراما"، الذي ينفرد فيه الممثل على خشبة المسرح، يمكننا أن نرى حالتها "مونو كتابة" حين تنفرد عائشة صالح وحدها على الصفحات: مستغرقة، ناسية الزمن والمساحة؛ تضحك وتبكي وتواسي وتتجهم وتشخط ثم يصعب عليها المشخوط  فيه فتتأسف، وتلطش ثم تراجع نفسها متسامحة مبررة هفوات البشر وعثراتهم.

لم أنس أبدا مقالاتها في المصور عن زوزو نبيل وياسمين الحصري وفي الكواكب عن شريهان، وعناوين أخرى دفعتني للبحث عن هاتفها لأخبرها عن سروري بعد كل قراءة.

طبيعة أسلوب عائشة صالح صنعة لطافة تتطلب فرد الكلام على الورق بخط يدها "الرهيب". تتعدى  كتابتها، في الحد الأدنى، الخمسة آلاف كلمة،  مما قد ينتج مناوشة: اختصري ولا أختصر، فتتجلط  دورة النشر بغضب عائشة وتقف السدّة في شريان العطاء إلي أجل غير مسمى؛ فكتابتها فن يؤذيه الاختصار؛ يكسر ايقاعه وينزع منه فتيل التأجج المطلوب والسحب الضروري لـ "صنعة اللطافة"، أما حين يسمح المجال ويتم النشر أندفع لأخابرها فأجدها سعيدة كصبية تنشر لأول مرة، منشرحة لمشاريع من العمل والعطاء.

تحية لك ياعائشة صالح!

***


..............وإني والله لمحزونة!

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

المزيد من تأملات صلاح عبد الصبور في زمن جريح:


أواه يا نور الضحى،

ملأت قلبي فزعا وترحا

لأنني رأيت فوق ما أردت أن أرى!

يحتفلون اليوم ببلوغ محمد حسنين هيكل التسعين، وهاكم مشاركتي:


.. هيكل يطل من الفضائية كأنه ناصح أمين!

ليس لي كلما رأيته يطل في زماننا كأنه ناصح أمين سوى أن أستدعي ذكرياتي وأكرر تساؤلاتي:

هل يتصور الأستاذ محمد حسنين هيكل أن معاصريه قد ماتوا كلهم، فلا أحد هناك بقى  ليقول له: اتق الله؟

لم أكن في يوم من الأيام من المعجبين بالأستاذ هيكل، منذ بدأت طالبة صحافة أتمرن في دار أخبار اليوم نوفمبر 1955 وأنا في الثامنة عشرة من عمري. كان "علي ومصطفى أمين"، رحمهما الله رحمة واسعة، صاحبي الدار ورئيسي تحرير الجريدة اليومية "الاخبار" والأسبوعية "أخبار اليوم"، وكان نجم الدار الاول هو الاستاذ محمد حسنين هيكل مؤلف كتاب "إيران فوق بركان"، الكتاب الثالث من سلسلة "كتاب اليوم" الصادر مايو 1951. كان على ومصطفى أمين  في طريقهما إلى بلوغ الثانية والأربعين، وكان هو قد احتفل ببلوغه الثانية والثلاثين ويرأس تحرير مجلة "آخر ساعة"، يحتل غرفة مصطفى أمين السابقة في الدور الأول من بناية أخبار اليوم 6 شارع الصحافة، قبل أن ينتقل التوأمان إلى الطابق الأخير، الذي يطل على عشوائيات عشش الترجمان.

 على الرغم من حكاية "الطابق الأخير" وأناقته وغرفة سكرتاريته التي تضم أكثر من ثلاثة، منهم الكاتبة نعم الباز، إلا أننا لم نشعر أبدا برهبة "الرئاسة" وخوف "التسلط" من المالكين للمال وسياسة التحرير. كانت الصحافة لا تزال بطقسها "الكاجوال"؛ الصغير لا ينحني للكبير والكبير لا يبطش بالصغير، ولمن يحاول، هناك صعود مباشر لصاحبي الدار والشكوى لهما من طغيان من يريد أن يتجبر ويقل ذوقه، فيتم فورا جبر الخاطر للصغير وإعادة الكبير إلى مساره السوي. كانت كل الأبواب مفتوحة، وكانت مهمة السكرتارية فقط هي تنسيق الدخول والانصراف للزائرين كافة. في ظل هذا الطقس الحر الكريم، الذي تربينا عليه مهنيا في دار أخبار اليوم على يد الأستاذين علي ومصطفى أمين، وتربى عليه من قبلنا الأستاذ هيكل، وتمتع به تمتعا كاملا أتاح له البروز والتألق والانتشار، كان هيكل في "آخر ساعة" يؤلف مدرسته المضادة لمنهج الأخوين الديموقراطي: الباب المغلق، الدائرة المغلقة من مجموعة الصحافيين المخصوصة، العازلة، بين هيكل وبقية "شعب" أخبار اليوم! وكنت أشعر، وأنا في تلك السن الصغيرة، أنني لست بحاجة أبدا إلى الاقتراب منه، لا أحادثه ولا أحييه ولا أبادره بابتسامة من تبحث عنده عن فرصة تعلّم مهنية. يهمسون: صديق عبد الناصر فأتعجب:  لماذا لاتجعله هذه الصداقة أكثر اقترابا من الناس وأكثر تراحما مع زملائه؟

لم يلبث الأمر حتى أخذه عبد الناصر ليكون رئيسا لتحرير "الأهرام"، وصاحبها من دون حق امتلاك "شرعي"، وأصبح واضحا التوحد بين عبد الناصر \"السلطة"، وبين هيكل المعبر عن مصالح السلطة والشارح لأهدافها وقراراتها والمبتكر لمصطلحاتها. أعطاه عبد الناصر مبنى "الأهرام" الجديد، الهائل في مواجهة مبنى "أخبار اليوم" الذي تضاءل أمامه يوما بعد يوم، وانكمشت معه مدرسة صحافة "الأبواب المفتوحة"، لتنتفش مدرسة الاحساس المتضخم بالأهمية. وجثم هيكل بأهرامه ومنهجه الإستبدادي على صدر الصحافة المصرية وصحافييها. وأصبح رواد المقاهي من الشعراء والأدباء المهمشين الساخرين يتهكمون ويطلقون عليه "باستيل" الصحافة، إشارة الى سجن الباستيل الفرنسي الشهير الذي كان سقوطه أشهر انتصارات الثورة الفرنسية. اقتنى هيكل كبار الكتاب المصريين، يتباهى بهم في حضرة عبد الناصر لتنحني، مع رؤوسهم، هامات انجازاتهم السابقة قبل أن يسلسلهم باستيل هيكل ويجعلهم يسقطون في أعين أترابهم، ومن كانوا يوما من المقدرين لقدرهم.

في يوم من الأيام، 1968 أو 1969، كنت مع أصدقاء في مقهى الشاي بالهيلتون ومعنا الأديب الدكتور يوسف ادريس والكاتب لطفي الخولي وزوجته ليليان أرقش، وإذا بي أرى يوسف إدريس يكاد يبكي وهو يشكو للطفي الخولي، أن سكرتيرة هيكل (نوال المحلاوي) تعامله بفظاظة و تمنعه من مقابلته. غلى الدم في عروقي، وكنت ساعتها من أشد المقدّرين لفن يوسف إدريس وأراه قوميتي الأدبية، فانبريت أعبر بغضب شديد عن رأيي بأن ظفر أدب يوسف إدريس برقبة كل ما يكتبه هيكل، وأن الواجب أن يطرق هيكل باب يوسف إدريس طالبا التشرف بمقابلته وليس العكس. لم يسعد يوسف إدريس بطول لساني، ارتبك وخاف، تصوّروا؟، وقبل أن ينطق لطفي الخولي بكلمة كان هو المعتذر له عن تطاولي!

هكذا أفسد هيكل من جرى تسميتهم "النخب" و"رموز" مصر، مستفيداً من اقترابه من عبد الناصر، ولو كان حضرته حقا مفكرا وهاديا وعارفا "اللحظات الفارقة" لما أضاع على عبد الناصر، وعلى مصر من ورائه، اللحظات الذهبية، والفرص الباهرة، التي أتاحتها المرحلة من 1952 حتى 1970، والتي كانت قادرة على تحقيق المعجزات لمصر والوطن العربي والشرق الاوسط، و... فلسطيييييين!

لقد توفرت لعبد الناصر عناصر نجاح وانتصار، لم تتوفر لغيره: 1ـ الاجماع العربي، 2ـ محبة الشعب له حتى درجة البلاهة، التي مازال الكثير غارقا فيها، 3ـ الانصياع لقراراته وأوامره بيقين أنه ثقة و يعني ما يقول، 4ـ  مناخ التأييد العالمي لحقوق التحرر ونهضة الشعوب ضد القوى الاحتلالية الامبريالية... الخ، ومع ذلك فإن عبد الناصر ضل وأضل، يوافقه ويدعمه الاستاذ محمد حسنين هيكل بالتبريرات والتعميات والتجهيلات، ثم يأتي، بلا حياء، الآن ليواصل سفسطته كأنه الحكيم الذي لو واتته الفرصة لنفع بها عباد الله!

 لو أن حضرته حقا كان "الحكيم"، الذي يريد أن يلبس اليوم سمته، لفعل ما فعل بيدبا مع الملك الجبار دبشليم، ولقال لعبد الناصر مثلما قال بيدبا لدبشليم:"... أقمت فيما خُوّلت من المُلك وورثت من الأموال والجنود، فلم تقم في ذلك بحق ما يجب عليك، بل طغيت وبغيت وعتوت وعلوت على الرعية، وأسأت السيرة، وعظمت منك البلية، وكان الأولى بك أن.... تحسن النظر برعيتك، وتسن لهم سنن الخير الذي يبقى بعدك ذكره... فإن الجاهل المغتر من استعمل في أموره البطر والأمنية، والحازم اللبيب من ساس الملك بالمداراة والرفق"!

لكن محمد حسنين هيكل لم يقم بواجبه وغرّته الأماني وعليه أن يدرك، وقد بلغ التسعين، أنه مفلس ولا يملك ذرة مصداقية تخوّله لحق التّوعية أوالإدلاء بأي شهادة، ناهيك عن الإطلالة من طاقة عنوانها:"النُصح للبلاد والعباد"!



الأحد، 22 سبتمبر 2013

حول هاملت: تعليقات وردود.



  1.  .... حتى الملك كلوديوس قاتل أخيه يشعر على الأقل بالحاجة للإحساس بالذنب ؛ صدره الاسود كالموت يتعذب ، من حولنا اليوم - من ناس عادية مسلمة متدينة طيبة - ملايين تنادى بالمزيد من القمع وتتمنى إبادة معارضيها وكتاب كبار - ليبراليين وناصريين- ينادون بمنع ظهور الاصوات المعتدلة بحجة أننا فى حالة حرب وكل هذا بدم بارد وقلب ميت وبلا أدنى شعور بالذنب 
    .. ممكن استفسار يا استاذة موقف أم هاملت لم يكن يوما واضحا بالنسبة لى فهل لم تكن تعلم بمقتل زوجها على يد اخيه ؟ أم هل كانت تتجاهل هذه الحقيقة وتعيش حالة إنكار؟


    1. الذنب الأول أنها ارتضت الزواج من شقيق زوجها، ويبدو من السياق أن هذا مُحرّم دينيا في عقيدتهم، ثانيا قبولها الزواج سريعا من رجل اشتهر بالفساد كما بينه هاملت وهو يؤنبها على الزواج من عمه القاتل ( عرّفها أنه قاتل والده) المُغتصب للعرش الداعر الخمورجي، على حد وصفه لها في مواجهته معها التي انتهت بأن طلب منها التوبة عن ذنوبها وفسخ زواجها من عمّه حتى لا تكون زانية، وهذا الذي لم تفعله.
  2. وماذا عن هاملت نفسه الذي لم يفعل - واقعياً - شيئاً سوي الكلام وعندما قرر الفعل خلف ضحايا من غير من أراد قتلهم ( الوزير والد اوفيليا على ما أذكر واوفيليا نفسها وأخوها ونفسه فى النهاية ).




    1. آه يا هبة! هكذا تغلغلت التشويهات النقدية والتحليلية لتظلم هاملت النبيل العزيز! كانت هناك ياهبة مؤامرة من نقاد إنجليز يعملون لصالح الفساد المتسلّط الحاكم فشاعت رؤيتهم المغلوطة الكاذبة حول العزيز هاملت، كان هناك التعمد لاتهامه بكل ما تفضلت بذكره وهو كذب في كذب! ولو راجعت في هذه المدونة مقالي بعنوان "درس من هاملت" سوف تعرفين كيف يمكن تزوير كل شئ حول مقاومة الإنسان للقتلة واللصوص، وكما تتم الآن مؤامرة تشويه المقاومة الفلسطينية تم تشويه مقاومة هاملت حتى لا يُستلهم نضاله وجهاده ضد عصابة الفساد في القصر الملكي الحاكم؛ اتهموه بمرض الاكتئاب، وبالتردد، وبالجنون، وبعقوق أمه، وهو من ذلك برئ! لقد عرف بمقتل أبيه من الشبح (مايعدل الرؤيا) فأراد أن يمتحن حقيقة ذلك، فلم يكن تردد بل تدقيق للتأكد من أقوال شبح والده حتى لا يظلم بريئا، فلما تأكد كان عليه أن يتوخى الحذر في خططه وهو وحيد يصارع عصابة من اللئام؛ على رأسهم بولونيوس رئيس الوزراء العميل الأول للملك القاتل وهو المدبر لكل الحيل القذرة للإيقاع بهاملت، مما جعل هاملت يدعي الجنون قصدا ليحبط الكيد والألاعيب، وقد نبه هاملت أصدقاءه أنه سيضع قناعا يوهم الأعداء بأنه مجنون وحذرهم من افشاء السر، وفعلا حاول الملك بالتعاون مع وزيره كشف معنى السلوك الجديد لهاملت وهل هو جنون أم خديعة، واستغل الوزير كل شي حتى ابنته أوفيليا للإيقاع بهاملت وفقس هاملت هذا الأمر مما جعله يتهمها بعدم النقاء لأنها رضيت بأن تكون مخلب والدها للإيقاع به، استغلوا أمه وحاشيته للإيقاع به مما جعله يحزن لقذارة الوسائل لكنه لم يكتئب، وأبعده الملك القاتل إلى إنجلترا بادعاء أن الدراسة هناك أفضل وهو يضمر قتله بواسطة ملك إنجلترا يقول:" اقتله يا ملك الإنجليز لأنه كالحمى في جسدي!"، ويفلت هاملت بذكائه وحسن تدبيره وفي ذلك تفاصيل كثيرة، ويدبر الملك القاتل لعبة المبارزة ويضع السم في كأس ليشربه هاملت فتشربه أمه بالخطأ ويضع السم على طرف سيف ليأخذه لايرتييس، شقيق أوفيليا وابن الوزير المتآمر، فيجرح هاملت ولكن هاملت لايعلم أنه مسموم ويلتقط سيف لا يرتييس ويجرحه بدوره فيموت كلاهما غدرا بفعل السم الذي هو من تدبير الملك القاتل ووزيره! فهو لم يقتل أحدا بالنهاية سوى الملك المستحق للقتل، أما كل القتلى فهم ضحايا الملك القاتل. شوفي ياهبة مقالي "درس من هاملت" لتعرفي أن المسرحية مكتوبة من زاوية شهادة هوريشيو التي تقول الحقيقة كما حاولت أن ألخصها لك. آه والله قلبي واجعني!

إعادة للإفادة:


فن كتابة:

درس من هاملت

 تعمد شكسبير في مسرحيته "هاملت" أن يجعل هوراشيو راويا للقصة، فهوراشيو هو صديق هاملت الذي يعرفه حق المعرفة، وقد راقب من البداية ملابسات أحواله، وتفصيلات مآزقه المعقدة في مواجهة عمه الفاسد كلوديوس، الذي قتل والد هاملت واغتصب عرشه وزوجته، (أم هاملت).

هوراشيو هو المثقف الواعي الذي يقف مع الشعب لكنه يعلو برأسه المفكر الذي قرأ التاريخ الإنساني وفهم حاضره السياسي، وامتلأ قلبه بالحب نحو البشر وصدره بإدراك قوتهم وضعفهم، فأصبح مزيجا من الحكمة  يرسمها، شكسبير في قول هاملت: "هوراشيو إنك لرجل شريف، لن ألتقي بمثيله.... أنت الذي اختارته نفسي منذ أن بدأت تميز بين الناس، لأنك كالذي عانى كل شيء فأصبح بذلك لا يعاني شيئا، يتلقى من الأقدار الخير والشر بامتنان واحد، وطوبى لهؤلاء الذين يتوازن عندهم العقل والعاطفة، فلا يصبحون مزمارا في يد الحظ يعزف عليه ما يشاء، اعطني هذا الرجل الذي يرفض أن يكون عبدا لأهوائه وسوف أضعه في قلب قلبي..".

من الفصل الأول نرى هوراشيو بين الحراس ينتظر ليختبر بنفسه ماهية الشبح الذي يشبه الملك السابق، هاملت والد هاملت، في رداء الحرب ويظهر كل ليلة بعد انتصاف الليل، ليختفي عند صياح الديك في الفجر،  يطالب ابنه الأمير هاملت بالثأر له من قاتله، ويستمر هوراشيو على طول المسرحية وعرضها وعمقها، مراقبا ومحللا وسندا ناصحا لهاملت، فهو الفاهم لأدق مشاعره وآلامه، وحين يتخلى برهة، في المشهد الأخير، عن عقلانيته ويحاول أن يقتل نفسه لأنه لن يتحمل الحياة بعد رحيل هاملت، يمنعه هاملت وهو يوصيه بأن يستمر على قيد الحياة، مبينا أن بقاءه على قيد الحياة هو التضحية الحقيقية التي يقدمها لصديقه هاملت "أه يا إلهي، هوراشيو، تعلم كم سيجرح اسمي من بعدي، لو ظلت الأشياء هكذا غير معروفة... تحمل التنفس بصعوبة، في هذا العالم القاسي، لتحكي قصتي..".

 يتحمل هوراشيو مسؤولية رواية قصة هاملت بدوافعها الحقيقية كما أرادها  شكسبير، وقد أراد في بناء شخصية هاملت أن يطرحه ممثلا للحق ضد الباطل؛ الذي تشخصن في الملك الفاسد القاتل كلوديوس، ولنا أن نتخيل كيف يمكن أن تتشوه الأحداث لو أنها سردت من خلال كلوديوس وحاشيته لذلك يتعمد شكسبير أن يحكي حكاية هاملت عن لسان هوراشيو، لأنها تختلف عما لو كانت عن لسان أمه، أو عن بولونيوس رئيس الوزراء ومستشار كلوديوس وجاسوس السلطة المتلصص المتصنت؛ إن أم هاملت، التي تزوجت عمه قاتل والده، وبولونيوس السياسي الفاسد، طرفان في القوة المعادية لهاملت، يقفان بمصالحهما وأخطائهما في معسكر كلوديوس، ولذلك فهما  لا بد أن يريا حزن هاملت النبيل اكتئابا مرضيا، ووقفته العنيدة أمام جرائم كلوديوس ميولا انتحارية عبثية، وتأملاته، لإعادة ترتيب أوراقه وامتحان قدراته، ترددا وعجزا عن الفعل،  ويحسبان انفجاره جنونا؛ عندما يكتشف أن براءة أوفيليا، حبيبته، تستغل للإيقاع به فيعتبر أن  إستغلالها لاختراقه ومعرفة خططه، نوع من هتك العفة، و لايفهمان محاولته انتشال أمه من براثن الإثم الذي ارتكبته بالزواج من قاتل منحل، فيتهمانه بالوقاحة والعقوق والمشاعر غير الطبيعية.

قصد شكسبير ألا تكون رواية قصة هاملت بلسان شخصية من شأنها أن تسيئ تفسيره فكان من الضروري أن نرى في اختياره لهوراشيو "راويا" المفتاح الذي تجاهله، للأسف، كثير من النقاد عن بصر كفيف، أو عن عمد في بعض الأحيان، مع أنه المفتاح الوحيد الذي علينا أن ندخل به المسرحية لتتوهج أمامنا، بلا لبس أو تشويش، الإضاءات الباهرة.

السبت، 21 سبتمبر 2013

بعد قراءة صحيفة الأهرام، التي لا أقرأ سواها، أجدني أردد هذه الأبيات لصلاح عبد الصبور التي كتبها في زمن القهر الناصري و ازدهار تسلّط الأجهزة الأمنية على خلق الله بالظلم والعدوان وما فعله هيكل في الناس:


الأبنية المرصوصة في وجه المارين سجون،
سجانوها الحيطان وقرب الإنسان من الإنسان،
سجنا أبديا يامسجون!
........................
........................
الحمد لنعمته من أعطانا هذا الليل،
صمت الأشياء وسادتنا،
والظلمة فوق مناكبنا،
ستر وغطاء،
الحمد لنعمته من أعطانا الِوحده،
لنعود إليها حين يموت اليوم الغارب،
ونلم الأشلاء،

الحمد لنعمته من أعطانا ألا نختار رسم الأقدار،
فلو اخترنا لاخترنا أخطاء أكبر،
وحياة أقسى وأمر،
وقتلنا أنفسنا ندما؛ ثمن الحرّية،
مادمنا أحرار!
..............
ياهذا المفتون البسّام الداعي للبسمات،
نبئني، ماذا أفعل فأنا أتوسّل بك،
هل أغمس عيني في قمر الليل؟
أم أقتات الأعشاب المُرّة والورقا؟
أم أفتح بابي للأشباح وأدعوها وأطاعمها،
وأقدّمها للألواح الممدودة حول خواني 
وأقوم خطيبا فيهم: أحبابي ! إخواني!
أم أبكي حين يُجنّ الليل،
وأغفو دمعي في فوديْ؟
أم أضحك في مرآتي وحدي؟
إن كنت حكيما نبئني كيف أُجنُّ
لأحس بنبض الكون المجنون
لا أطلب عندئذ فيه العقلَ!

صلاة الطغاة!

  للمسرحي الإنجليزي وليام شكسبير (المولود في أبريل 1564 والمتوفي في أبريل 1616) كلمات جاءت على لسان الملك «كلوديوس» في مسرحية «هاملت». الملك (كلوديوس) قاتل وداعر وفاسد ومن جرائمه العديدة قتله أخاه الملك هاملت (والد الأمير هاملت ) والزواج من الملكة أرملة أخيه، واغتصابه العرش من وريثه الشرعي الأمير هاملت. ولكي يحافظ على مكاسب جرائمه ملأ القصر الملكي بحاشية فاسدة تتولى مهام قذرة من تجسس ومراقبة وخطط لاغتيال الأمير هاملت. هذا الملك الفاسد خطر له أن يصلي، متصورا أنه يمكن أن يستحوذ على كل شيء: الدنيا والآخرة. وفعلا أخذ نفسه إلى «حالة» الصلاة وأخذ يبتهل إلى جسده أن يخشع قائلا، بما أترجمه عن النص الإنجليزي على مسؤوليتي: «انحنيا يا ركبتي العنيدتين، وأنت أيها القلب، بشرايين من حديد، كن طريا، مثل عضلات طفل وليد».

لكن لا أمل أمام السفاح «كلوديوس» المعترف بجرائمه، وقد عددها قائلا: «إن جريمتي منتنة، تصل رائحتها إلى السماء، لا يمكنني الصلاة، رغم أن رغبتي فيها معها إصراري، إن إثمي الكبير يهزم إصراري، لقد ازدادت يدي سمكا، بدماء أخي، هل هناك في رحمة السماوات، الماء الكافي لغسل يدي، وتكون بيضاء كالثلج؟ ما هي وظيفة الرحمة، إن لم تكن لمواجهة الذنب؟  لكن أي شكل من الصلاة أقول؟ هل أقول: اغفر لي يا ربي، جريمة قتلي البشعة؟ هذا لا يمكن، طالما أنني لا أزال أمتلك الغنائم التي من أجلها ارتكبت جريمتي، هل يمكن أن يُغفر لي، مع استبقائي لغنائم جريمتي؟ هذا ممكن في مجريات هذا العالم الفاسد، فمن الممكن ليد الجريمة الثرية أن تزيح العدالة جانبا، وغالبا ما نرى الرشوة الوغدة، تشتري القانون، ولكن الأمر ليس هكذا في السماء، فليس فيها أي إمكانية للتلاعب!، آه يا نفسي الملعونة، آه يا صدري الأسود كالموت، آه يا روحي الواقعة في الفخ، تصارع من أجل الفكاك، فتزداد قيودها، النجدة، يا ملائكة».

بنهاية هذه المحاولة الميئوس منها، للصلاة، يعترف المجرم القاتل كلوديوس بالفشل مرددا هذه الحكمة:


«كلماتي تطير، وأفكاري تظل هابطة. كلمات بلا نية معقودة على التوبة، لا يمكن أن تقبلها السماء.


الخميس، 19 سبتمبر 2013

لو أردنا الغناء نقول عن حالنا بتصرف عما غنته أم كلثوم:



وعز عليك تسيب العِند وتسامح،
 وعز علينا نكون البادي ونصالح،
 وضاع الوطن ضاع مابين عِند حزب و حزب ضاااااااااع،
 ودلوقت لا ده بينسى ولا بننسىىىىى!
 أنا وإنت ظلمنا بلدنا يا أسفاااااه!

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

إلى كل الشهداء:


دمي دمكم ويسكن همكم قلبي،
وتشتعلون في دربي،
وتمتلكون كل حدود ذاكرتي،
وتمتشقون شرياني وأوردتي،
وترتفعون فوق رُكام أيامي، 
وتحتلون عند الفجر أحلامي،
فأحرق في أتون العشق كل رماد أوهامي،
وأنفض من زوايا القلب سوراتي وأوزاري،

أناديكم وأرسو في مرافيكم،
وأقرأ سورة الحب،
وأشعل في سواد الليل نار الثأر والغضب،
وأضرم جمرة القلب،
وأخرج من صحارى اليأس والتعب،
وأعطيكم دمي عمري وليت العمر يكفيكم،

تلألأ في ظلام الليل نجمٌ نوره أنتم،
برغم الريح والإعصار جئتم أنتمو جئتم،
برغم الموت والضراء والحَزَنِ،
برغم التيه يضرب في مدائننا،
ويكسر كالرياح الهوج ماضينا وحاضرنا،

أناديكم أشد على أياديكم،
وآوي في مآقيكم،
وأعطيكم دمي،
 عمري،
وليت العمر يكفيكم!



قصيدة للشاعر الفلسطيني تيسير الخطيب حفظه الله.

رجعت ليالي زمان، رجعت كوابيسنا!


صباح الخير أستاذة؛  دائما تفتحي لنا نافذة على الشعر الجميل، رغم أنها الحقيقة البسيطة ( نل ما بدا لك؛ إن تنال من الدنيا، فإن الموت آخرهُ ) فكلنا نتعامى عنها أو ننساها ويبدو أن هناك من لا يصدق بها أصلاً،  هؤلاء المتصدرين المشهد الآن يحرّضون على أهلنا في سيناء وفي الصعيد كأنهم  يجهزون - كما أعتقد - لحرب على غزة ، تصورى حضرتك أن مصر قد تضرب غزة ؟ حلم لم تجرؤ اسرائيل على التفكير به.
ردحذف
الردود
  1. يا هبة على كثرة ما رأيت من عجائب في عمري الطويل، لم يدر 
    بخلدي يوما أن تكون هناك تهمة اسمها "التخابر مع المقاومة 
    الفلسطينية"! حتى الظلمة كانوا يعرفون ولو في الخفاء أنهم ظلمة، 
    لكن ما كل هذا الفرح الشعبي بالظلم والظالمين؟ ما كل هذا التشجيع 
    للمزيد؟ حتى يمكن للظالم أن يقول: " أخجلتم ظلمي"! وهاهو الدفاع 
    عن زويل يعود بمقال في الأهرام من يومين ينصح جامعة النيل أن 
    تسكت عن حقها! الشعب يريد المزيد من الانسحاق! التنافس 
    الاعلامي الآن يتم بتقديم قوائم تقترح بمنتهى الحماس مجرمين 
    وفاسدين ليتقلّدوا مفاتيح الدولة وليتبوّؤا أماكنهم في اللجان الحيوية 
    والمصيرية وعلى رأسها لجنة الدستور!ـ راجعي لو تقدري الزبالة 
    التي كتبها اليوم واحد اسمه سيد علي في الأهرام ـ ومبروك مبروك 
    هناء السمري تستعيد فرصتها لتغمنا! رجعت ليالي زمان ياهبة 
    رجعت كوابيسنا، رجعوا مباحث زمان يتحكموا فينا! وهاهو سامي 
    شرف، وما أدراك ما سامي شرف، يطل علينا مُمجّدا من عمرو عبد 
    السميع ومن صلاح مُنتصر الذي أفادنا، في عموده اليوم بالأهرام،أن 
    سامي شرف هو أول من اخترع أسامة الباز وأدخله وزارة الخارجية
     ليفعل ما فعله على طول سنواته التي خسر فيها نفسه ومواهبه 
    العظيمة حين كرّسها لمساندة الطغاة والسفاحين.

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

قليل من الشعر يصلح المعدة، فهاكم هذه الأبيات لـ "أبو العتاهية"، ولقبه يعني أبو العته!


هل أنت مُعتبرٌ بما خَلِيت منه، غداة مضى، دساكرهُ؟

وبمن أذل الموت مصرعه فتبرّأت منه عشائرهُ؟

وبمن خلت منه أسرّته وبمن خلت منه منابرهُ؟

أين الملوك وأين غيرهمُ؟ صاروا مصيرا أنت صائرهُ!

يا مؤثر الدنيا بلذته والمستعد لمن يفاخرهُ،

نل ما بدا لك؛ إن تنال من الدنيا، فإن الموت آخرهُ!

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

عن الذي دخل جنته وهو ظالم لنفسه:


"وأحيط بثمره فأصبح يُقلّب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا (42) ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان مُنتصرا (43)" صدق الله العظيم.


من سورة الكهف.

يا عزيز عيني أنا بدّي ترجع بلدي!


يا هدى أنت تخجليني بحسن ظنك الكبير بي، ساعدني الله على أن أكون جديرة بفضله علينا،

 لا يجب أن تتصوّري أن هذه الأجواء العاصفة لا تبكيني بكاء الثكلى،

 رأيت اليوم بالأهرام صورة سلماوي، الذي لا أرتضيه لإتحاد الكتاب، يجلس قعر 
مجلس في لجنة الدستور يقرر ما يجب وما لا يجب في مواد الدستور هو وتابعه 
الجاهل التافه خالد يوسف! أما الست ليلى تكلا فقامت تفتي بحقها في اختيار 
السيسي رئيسا، والله إن هذا الرجل لا يستاهل مغرز مسئولية حكم مصر الآن، من
يحبه يدعو له بالنجاة من هذا المقلب،

 من يجب أن يتنافس على الترشيح للرئاسة سلماوي وخالد يوسف و الصباحي 
ويسرا وإلهام شاهين؛ هذا زمن أكل الناس لحم بعضها، والله المستعان!

الأحد، 15 سبتمبر 2013

دعاء الفرج منسوب لسيدنا موسى بن جعفر حفيد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وأنصاره وزوجاته وذريته وسّلم:


"ياسامع كل صوت، وياسابق الفوْت، ويا كاسي العظام لحما ومُنشرها بعد الموت، 

أسألك بأسمائك الحسنى، وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطّلع عليه أحد من المخلوقين،

يا حليما ذا أناة، لا يقوى على أناتِه، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يُحصى عددا: فرّج عني".

وفاض دمعي....

وفاض دمعي على قلبي فأغرقه؛

يامن يُرى غرِقا في الماء مُحترقا!


من قصيدة لشاعر قديم ربما من زمن نكبة البرامكة!




السبت، 14 سبتمبر 2013

حاسوبي مخنوق!

حاسوبي مخنوق؛ يعني "مهنج" كما يقال، لحظات ثم يتعثر، لعله خير، لأبتعد قليلا.
إلى اللقاء إذا أذن الله سبحانه.

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

إنعاش ذاكرة بشخصية "شركان" بهاذا المقطع من مسرحية "حكاية شركان في بيت زارا" تأليف مصطفى بهجت مصطفى رحمه الله.


شركان يعب الفرص ويقتنصها كنشال محترف؛ يعود فرحا ليخبر "هوشي " بأنه قد تعرف إلى "رشوان"، الكاتب السياسي الذي تكسب كثيرا من كتبه أيام كسرى ونمرود، "لم يُجمع أحدها من الأسواق........ولم يزر السجن مرّة وإن كان قد زار القصر العظيم مرّات عديدة"، ومع ذلك إختاروه، بعد الثورة، بمجلس الرأي!

مع إنتهازية شركان التي صارت تفصح عن نفسها بلا خجل تندهش زارا ويقول صفوان: " يجب ألا يدهشنا ما يمكن التنبؤ به"!

لقد دخل شركان "بيت زارا" متسللا وكان خائنا للثورة منذ اللحظة الأولى ؛ مستفيدا منها وطاعنا لها. يقول "هوشي": " لن تبقى بالنهاية إلا الجذور الصلبة"، ويقول "صفوان"، جندي الحلم الثوري وحارسه: " ستغيض أحزانك سريعا يازارا"، وتأخذ زارا موقفها المتأخر بطرد أعدائها من بيتها قائلة: " لم أعد أرثي لأعدائي"!

حقا! فلا يمكن أن نرثي للأفاعي وإن كانت تتلوى من الألم، ويصبح منطقيا أن ينهي المؤلف مصطفى بهجت مصطفى، رحمه الله، المسرحية بنداء كل حراس الثورة المخلصين في كل زمان ومكان:

"اكرهي أعداءك يازارا،
اكرهي أعداءك يابلادي،
وامنحي قلبك لمن يحبك
ياربيع حلم المخلصين".