الجمعة، 27 مايو 2011

مقالي الذي نشره الأهرام اليوم 27 5 2011 في ملحق الجمعة صفحة أدب ساخر:
لساني حصاني:
حكاية دخولي المغارة

 المقصود بالمغارة هي: الشبكة العنكبوتية "الانترنت".
كنت قد ركنت الى اليأس وارتضيت أن أكون من ذوي الاحتياجات، أخضع لما تجود به ابنتي من وقتها وعافيتها لتكتب لي مقالاتي على الحاسوب، وتقرأ لي بريدي متحملة منها عبارة: "اصبرييييي يا ماما"! حتى صعبت عليّ نفسي وقلت في سري: هل أصبحت يا ست صافي مثل الأمي، الذي ينتظر ابنه العائد من الكتاب ليقرأ له الجريدة أو يذهب إلى العرضحالجي ليكتب عنه الجوابات؟
لم يعجبني الحال بالطبع، أنا التي من صغر سني مطنجرة العمامة، أأدخل، في ثياب الذل، عصر الاتصالات؟ ساءلت نفسي، مستعيرة كبرياء جـــدتي كليوباترا وهي ترفض بإباء وشمم أن تدخل في ثياب الذل روما مكان التاج من فرقيها خال؛ وكان أن رفعت يدي هاتفة بحسم: كلا وألف كلا: سأنزل غير هائبة إذا ما تلمظت المنيــّـة للنزال !
طيب، تحتّم التصرف الحكيم، الذي حدث منذ عامين ونصف، أن أعود تلميذة في محو الأمية الانترنتية، وكان أن بدأت مع متخصص يعلمني الأبجدية الحاسوبية: وتاتا بعد تاتا تخطيت العتبة نحو المغارة!
 دعوت الله في سجودي بحرارة وابتهال: يا من علم آدم الأسماء علمني الحاسوب!
 واستجاب الكريم الودود الفعال لما يريد. عافرت لأتقن جمع ما أكتب، ولاقيت ما لاقيت من عذاب وعنت، هلكت والله صحيح لكن من قال إن حفظ الكرامة بالساهل؟
المهم أنني صرت أعرف الدخول إلى مواقع تنشر مقالاتي وأطمئن أن مقالي تم نشره من دون الإحراج الذي كان ينشأ، وابنتي تراقب قلقي أو إحباطي أو فرحي الطفولي عندما تجد مقالي منشورا فتصيح: نزلت ياماما نزلت! وأبدو متهللة كأني أنشر لأول مرة.
 أفتح بريدي الإلكتروني، بل وواثقة أحرك المؤشر إلى "إلغاء"، الللللللله! يا لها من كلمة أحبها جدا.
أما لماذا أجد الإنترنت كما المغارة؟ فذلك لأنني تهت في غياهبها والإشارات تزيدني حيرة حتى البكاء.
ليس لي فيها مقام، فهي زحام حاجتي إليه قليلة لا تستحق كل الجلبة المتاحة.  
وها قد تعلمت وأنا عجوز أتوكأ على عصا، وأصبح لدي حاسوبي الخاص المحمول، واسمه الشائع   للأسف هو اللاب توب، وأوصلني اجتهادي إلى نتائج إيجابية، فوق أنني أصف مقالي بنفسي وأرسله بمعرفتي إلى الجهة المقصودة  للنشر عبر البريد الإلكتروني، ولا الحوجة إلى الإستعانة بإبنتي!
 ولأن الطمع في المعرفة محبوب قادني طموحي إلى التجول في الشبكة العنكبوتية \ "المغارة" ،ووجدت مايسرني وإلى جانبه الكثير مما لم يسرني من لغة التفحش ونهش الأعراض، التي لم أر ضرورتها لأصوات تأخذ سمت الغاضبين للحق!
كل هذه الألفاظ النابية ؟ لماذا؟  تساءلت وقد غمت نفسي وأناألوذ بالنقر على أمر الإلغاء.

أصوات تحب صياغات كشف العورات والعبارات منزوعة العفة والحياء، تلهو لهوها الكئيب مع العناكب والخنافس وخرفشات الحشرات المتنوعة ، وترى في ذلك المهارة والشطارة والمبتغى!

في مسرحية "بيرجنت" لـ "إبسن" يهبط البطل "بيرجنت" إلى عالم المسوخ ، تحت الأرض، حيث تُقلب دلالات الأشياء رأسا على عقب فيُمجّد القبح ويصبح القيمة المرجوة  التي تزدري"الجمال"،  ومازلت أذكر جملة زعيم المسوخ: "لا..لا.. إنها ليست قبيحة كما ينبغي" وهو ينشد أكثر الفتيات قبحا لتنال رضاءه!

 لست ممن يحبون مصادرة اختيارات الآخرين، وأرى أن من حق المسوخ أن يعبُوا من قصعات "المسوخية" حتى حافة كروشهم ، بل إن من حقهم أن يتجشأوا أبخرتهم الكريهة، ويتمتعوا، في محافلهم القمامية، بالتعبير المكرّس لكل القبح الذي يعشقونه ويتبادلون الإحتفاء به في دوائرهم التحتية، أما الذي ليس من حقهم ولا من حريتهم فهو قطع الطريق على الأسوياء، ليحاصروا فرصهم في استنشاق الهواء النقي مستشرفين ضياء الشمس ونور القمر.




الخميس، 26 مايو 2011

يا سواح رجاء توصيل كلامي لمن له أذن تسمع وعقل يفهم. ويا أبو هاجر كلامك لا يوافقني مع إحترامي!

إستغاثة من أجل بلادنا

خذي حذرك يا بلادي!
بقلم صافي ناز كاظم

"المجلس الأعلى للقوات المسلحة"؛ نعم!  ليس هو "مجلس قيادة الثورة" فهو: "مجلس حماية ثورة الشعب المصري 25 يناير 2011"، بحول الله وقوته، ولقد سخره الله سبحانه لهذه المهمة الجليلة، وهي من نٍعم الله سبحانه وتعالى عليه وعلينا!

بقى أن نعرف أن كلمات غير فاهمة مثل، "الجيش بطبعه غير ثوري"، و "الجيش لا يفهم في السياسة" إلى آخر هذا "الدّش" الذي يتفوّه به البعض بحسن نيّة أو بسوء نيّة، كلام غير صحيح بالمرّة، فكون الجيش ليس من شأنه ممارسة السياسة لايعني أنه لا يفهمها، والدليل على ذلك مبادرته الفورية بدعم الثورة من بدايتها حتى قبل التأكد من نجاحها، متقبلا كل النتائج، التي كان من الممكن أن يواجهها مع شباب ثورة الشعب المصري، لو أن حسني مبارك وعصابته تمكنوا، والعياذ بالله، من إفشال التكتل الشعبي والتنكيل به بوسائل السفاحين المعروفة، التي حاولوها بالفعل وأعلنوا عنها  وسجلها عليهم إعلامهم بعناوين رناّنة مثل"غضب الرئيس التصدي..الحساب..العقاب..المخربون لن يفلتوا أبدا من العدالة"، الذي إحتل غلاف مجلة المصوّر 26 يناير 2011، والتي نشاهدها جارية في ليبيا وسوريا واليمن والبحرين لولا أن أحبط الله كيدهم، أما أن الجيش "بطبعه غير ثوري" فليس أمام المنطق سوى التساؤل: كيف لجيش قوامه مواطنون مصريون من مهامه حماية البلاد والعباد ألا يكون نابضا بالثورة وحانيا على الثوار ضد تسلط قوى الإستبداد الفاسدة لقهر الناس وإهانتهم وسرقتهم وإهدار حقوقهم؟

برجاء الأدب في الصياغات من جانب المتعالين بعلمهم القليل.

أما الرجاء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فهو ألا يستمع لتحريض المنافقين المطففين الذين يطلبون الرأفة للقتلة واللصوص بينما هم يدعون بحماس إلى مواجهة الشعب المصري العزيز بالعين الحمراء؛ أي الترويع، و ضرب الثوار بيد من حديد، ما هذه يابلادي إلا نصائح الفتّانين أعداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وثورة الشعب المصري على حد سواء.

 لاحل لنا إلا بالقانون، ومن طبيعة العمل بالقانون: "التروّي"! أما العين الحمراء فليس بعدها سوى مسرور السياف، فمن ذا الذي يحبذ لنا هذا الإختيار بقتل أكبادنا تحت دعاوي "إستعادة هيبة الدولة" سوى من يريد للمجلس  الوقوع، والعياذ بالله، في الخطأ العظيم؟

الأربعاء، 25 مايو 2011

مقالي الذي نشرته المصوّر الأربعاء 25\5\2011:

 
«أبو حديد».. في معركة الثقافة المصرية

تأتي مراحل وفترات يعلو فيها صخب التغريب وضوضاؤه واللادينية وخروقاتها، حتى ليتصور المراقب أن مصر قد انتزعت ـ معاذ الله ـ من قلبها وروحها إلى الضياع. وقبل أن يستبد اليأس بأبنائها البررة، نراها وقد نهضت مسترجعة نفسها بملامحها العربية الأصيلة متألقة بسماتها الإيمانية الباهرة: تماما كما أرادها الله دائما منذ الزمن الغابر ومنذ ما يقرب من 1500 سنة.

غير أن هذه العودة لا تكون إلا بيقظة دائمة لرواد وجنود مثابرين كان منهم في زمن سيطرة الاحتلال: محمد فريد أبو حديد، مع وجوه بارزة أخرى أخلصت للتيار العربي والإسلامي حتى قمة الاستشهاد، بينما كان أهم وجه قاد التيار نحو محاكاة الغرب بإصرار وعناد هو أحمد لطفي السيد، الذي تولدت منه مجموعة العلمانيين والمستغربين المعاصرين الذين لا يزالون يحلمون باليوم الذي تتم لهم فيه كتابة اللغة العربية العزيزة بالحرف اللاتيني، كما دعا إلى ذلك عبد العزيز فهمي وغيره.

كان التيار الإسلامي العربي يستقطب على مسار طريقه الكثير من الشباب الواعي الذي أضاف إلى البعد الثقافي الأدبي المحض الأبعاد السياسية المتأثرة والمؤثرة في واقع مصر المباشر. ومن الناحية الأخرى استمر كذلك التيار الاستغرابي: الساعي إلى محاكاة أوروبا، في استقطاب كثير من الشباب الذي كانت وجهته دائما الغرب وقيم الغرب ومتغيراته، ناسفا في نفسه كل إمكانيات عودته إلى أصالته، راميا التيار العربي الإسلامي بتهم الجمود، والسلفية. والمضحك أن الجمود والسلفية في عرفهم هو العودة إلى سلف العرب فقط، أما العودة إلى سلف الغرب من يونان وخلافه فهي في رأيهم حضارة وتمدن، كما كان المؤمن برؤى الوحدانية الإسلامية يتم اتهامه بالتخلف والظلامية، بينما المتوغل في خرافات الفولكلور وأساطير الوثنية يعتبر أصيلا تراثيا عريقا. غير أن قوة امتداد التيار العربي الإسلامي في عمق التربة المصرية، كانت تحسم المعركة طوال السنين لصالحه، رغم كل الأقنعة التي اتخذها ويتخذها التيار العلماني التغريبي لتغطية حقيقته المعادية لمصالح الأمة، بقسمات الجاذبية والعالمية والحداثة والحضارية والعلمية والتجديد.

كان من الضروري أن ينصرف جهاد الرواد في التيار الثقافي العربي والإسلامي إلى تأليف وترجمة ونشر ما من شأنه أن يعمق وعي الفرد المصري بانتمائه الأصيل ويرقي إدراكه بكنوز لغته العربية الخصبة لدحض دعاوى الحاجة إلى الحرف اللاتيني واللجوء إلى اللغة العامية كبديل تدريجي للفصحى لكي يتم فصل الأمة عن لغة كتابها العزيز ومن ثم عزلها عن مصدر فكرها المتكامل.

من واقع الإحساس بخطورة الغزو الثقافي الغربي، الذي مازال يطمع في سلخ مصر المحروسة عن عروبتها وإسلامها لصالح محاكاة الغرب، نستطيع أن نفهم ونرى أي دور جهادي تنويري وإصلاحي هذا الذي اضطلع به مبكرا الجيل الأول من الرواد الذين نذكرهم اليوم بعرفان وامتنان حين نذكر منهم رائدا خالدا هو محمد فريد أبو حديد في ذكرى مرور 44 عاما على رحيله 18/5/1967.

 يجدر بنا التعريف بمحمد فريد أبو حديد الذي ولد في أول يوليو 1893.

 منذ أعماله الأولى: مذكرات المرحوم محمد (ألفها 1918)، وروايته الثانية «ابنة المملوك» (ألفها 1924، وتقع أحداثها أيام محمد علي بين سنوات 1804 و1807)، وصلاح الدين الأيوبي (1927)، حتى آخر أعماله «أنا الشعب» (ألفها 1951 وصدرت 1953)، وترجمته الفريدة لمسرحية شكسبير «ماكبث» شعرا مرسلا (1957)، مرورا بقممه الأدبية: السيد عمر مكرم (دراسة لشخصية أنجزها 1937)، وروايته «زنوبيا» (ألفها 1940)، ولعلها أول أثر أدبي عربي يخلد ملكة تدمر، و«الملك الضليل.. امرؤ القيس» (ألفها 1942)، و«المهلهل سيد ربيعة» (ألفها 1943)، و«مع الزمان» (ألفها 1930)، و«عنترة بن شداد» (الفها 1945)، و«آلام جحا بين ماهوش وجانبولاد» (ألفها 1946)، وروايتيه الجميلتين للأطفال: «عمرون شاه» 1947))، و«كريم الدين البغدادي» (1950)، مع إنجازه الضخم في إقدامه الواعي لترجمة وتحقيق كتاب ألفريد بتلر الهام «فتح العرب لمصر» (عام 1932).. إلى آخر القائمة الطويلة من أعماله الخالدة، كرس محمد فريد أبو حديد حياته الأدبية على مدى 50 عاما رائدا أصيلا وجنديا مثابرا في حركة المقاومة الثقافية التي خاضها المخلصون للثقافة المصرية ضد هجمة التغريب والاقتلاع من الجذور التي جاء بها الاحتلال الإنجليزي، ومن قبله الاحتلال الفرنسي، فكانت الغاية التي تمحورت حولها أعمال محمد فريد أبو حديد من البداية هي: أن يعرف الإنسان المصري نفسه عربيا ومؤمنا عزيزا من خلال تاريخه العظيم، لكي يحب تلك النفس فتثمر وتعطي تاريخا مستقبليا أعظم.

حين نعتبر محمد فريد أبو حديد واحدا من رواد حركة المقاومة في الدفاع عن أصالة الثقافة المصرية، فهذا يعني أننا نريد أن نؤكد على المعركة الثقافية التي تبلورت منذ مطلع القرن العشرين ومستمرة حتى يومنا هذا في قسمة الساحة الثقافية المصرية إلى تيارين رئيسيين: التيار العربي الإيماني وتيار التغريب.


السبت، 21 مايو 2011

نحب أن نذكّر بأنه يوم السبت 2\10\2010 إستقبل حسني مبارك بمقر رئاسة الجمهورية وفدا ثقافيا، تم اختياره نخبة من النخبة المقرّبة، في لقاء مطوّل إستمر أربع ساعات، والأسماء هي: فاروق حسني + أنس الفقي + أنيس منصور + السيد ياسين + محمد سلماوي + صلاح عيسى + خيري شلبي + يوسف القعيد + سامية الساعاتي + عائشة عبد المحسن أبو النور + جابر عصفور + فوزي فهمي + أحمد عبد المعطي حجازي!

هل نحتاج إلى تعليق أو تعقيب؟

خذي حذرك يابلادي من أهل النفاق!

الجمعة، 20 مايو 2011

 صالحون في بيت فرعون يكتمون إيمانهم = غير صالحين بين المؤمنين يكتمون كفرهم بالنفاق! خالصين!

الخميس، 19 مايو 2011

عدم الكسب غير المشروع!

# هل يمكن أن تدفعنا تحقيقات حالات الكسب غير المشروع إلى إقتراح تحقيق في حالات " عدم الكسب" غير المشروع؟ وأعني حالات الناس الذين لم ينالوا مستحقاتهم عن أعمالهم، أو تم بخسها!

# أستغرب جدا التوق إلى أساليب الإستبداد تحت زعم إستعادة هيبة الدولة!
المدهش أن هذا التوق يصدر معظمه، بإلحاح وتحريض، من كتاب ومثقفين يرفضون توخي الحذر (وهو مطلوب) من سوء التقدير وظلم الناس ويسمونه: "رخاوة"! فنرى هذا يهيب  برئيس الوزراء أن يظهر "العين الحمراء"، وتلك تنادي بالإعدام العلني، وذاك ينظر في المرآة ويصافح نفسه مبديا المصالحة مع "الآخر"، بينما هو في نداء متواصل للضرب "بيد من حديد" لقمع "الآخر" الفعلي الكائن خارج مرآته!

 الحزم شئ و"العين الحمراء" شئ آخر فهي: الترويع، و تطبيق القانون غير"الضرب بيد من حديد" الذي هو: تجاوز عدل القوانين؛ ومثل هذا التوجه الإجرامي هو ما إقترفه حبيب العادلي بالمشاورة مع رموز الزمن الإستبدادي وقد رفضته جموع الشعب المصري منذ 25 يناير حتى أسقطته 11 فبراير 2011. "العين الحمراء" و "الضرب بيد من حديد" هي التي شنقت بجبروتها  الشابين الشهيدين العاملين المعدمين "خميس" و "البقري" في 17 أغسطس 1952 بتهمة تزعم مظاهرة عمالية ( وإن كانت لتأييد حركة الضباط والقائد العام محمد نجيب)!. "العين الحمراء" و"الضرب بيد من حديد" هي التي زيّنت لمحمد أنور السادات إعتقال 1536 شخصية في فجر واحد، من أقطاب الثقافة والسياسة والدين والرأي فيما اشتهر بمصطلح "هجمة إعتقالات سبتمبر 1981"، وكانت عاقبتها قتل فاعلها بعين أشد إحمرارا ويد أثقل حديدا!

# المهندس نجيب ساويرس، صاحب حزب "المصريون الأحرار"، يحتاج إلى "منقح كلام" حتى لا يقع فيما يقع فيه من تصريحات وعبارات غير سليمة؛ مثل قوله في جلسة الحوار الوطني الأولى عن ضحية جريمة قطع الأذن أنه يستحق "قطع الرقبة" لأنه قبل بالمصالحة، بينما تفضل هو بالتصريح، في حوار بالقناة الأولى المصرية يوم 10 \ 5\ 2011، أنه ذاهب إلى شيخ الأزهر يطلب منه "وضع حماية الأقلية القبطية بين يديه"! ناسيا أن شيخ الأزهر ليس "بابا" ومشيخة الأزهر ليست الحكومة، المسؤولة بالقوانين عن حماية كل البلاد، وأن شعب مصر ليس بينه "أغلبية" و "أقلية" بل هم في جملتهم "المصريون الأحرار" حقا وصدقا وقانونا، وليسوا مجرد لافتة حزبية فارغة من المحتوى! والحاصل أن المهندس ساويرس ذهب بالفعل لمقابلة شيخ الأزهر وقبّل يده في تقديس لا يقبله الأزهر، فمن بالله عليكم الذي يستحق،لولا كراهيتي للإستبداد، قطع اللسان قبل "قطع الرقبة"؟

# كتب واحد من الكتّاب "لا لتطبيق الحدود" مشهّرا بمصطلح "الحدود" في الشريعة الإسلامية، غير واع إلى أن "الحدود" هي: "العقوبات القانونية"، والمنادي بعدم تطبيق "الحدود" كأنما ينادي بعدم تطبيق "القانون"! ولا شك أن حضرات المشهّرين بـ "الحدود" لا يعرفون قاعدة فقهية إسلامية تقول "لا حدّ بعد إبتلاء" وتفيد بعدم جواز تعذيب المتهمين أو إخافتهم لإجبارهم على الإعتراف وإلا سقط حق توقيع "الحد" عليهم؛ أي يسقط حق توقيع "العقوبة"!

# إقترحت المستشارة القانونية القاضية الدستورية تهاني الجبالي حرمان الناخب الأمّي من نصف صوته؛ يعني كل ناخب له "صوت" إنتخابي إلا الأمّي له "نصف صوت"! فما هي ياترى "مقاصد" السيدة القاضية؟

# بؤرة الموضوع: ماذا ياغيلان العصر لو غلب سلامكم كلامكم قبل ثورة شعب تطحن عظامكم؟.

الأربعاء، 18 مايو 2011

مقالي الذي تم نشره اليوم 18 5 2011 بالمصوّر:

"أبو حديد" صاحب رواية "أنا الشعب" في ذكراه الرابعة والأربعين
اليوم تزورني ذكرى رائد الرواية العربية محمد فريد أبو حديد، الذي ولد أول يوليو 1893 ورحل إلى رحمة الله 18 مايو 1967.

في يدي روايته "أنا الشعب"، 376 صفحة، صدرت عن دار المعارف في طبعتها الأولى 1953،  وكان قد بدأ في كتابتها خلال عام 1951 ووضع سطور نهايتها صباح 23 يوليو 1952 كاتبا: "...فإذا صوت ينطلق معلنا قيام ثورة الجيش! الجيش! الله  أكبر! الجيش الذي كنا نخشى أن يكون هو عماد الطاغية الرهيب؟ .................................................................................................................................................................................................................................... وسرت كما أنا بوضوئي وخشوعي قاصدا إلى المحطة مخترقا طرق القاهرة المزدحمة بأمثالي من الذين خرجوا إلى الطريق ليسأل بعضهم بعضا في دهشة : كيف حدث هذا؟"، (أنا الشعب 376).

تدور الرواية على لسان بطلها "سيد زهير": "... وأنا في غرفتي الصغيرة من سجن الإستئناف ... لأسجل ما أظنه جديرا بالذكر من حوادث حياتي..."، ويبدأ من لحظة وفاة والده العزيز التي زلزلته في السابعة عشرة من عمره وألقت به إلى مرحلة من الإرتباك والتخبط أخذته إلى معرفة أخلاط من الناس أتاحت له، على سوئها، إكتشاف  مناطق الضعف والقوة في شخصيته، وقد بدت وكأن المؤلف يلخص بها أبعاد الطبقة الوسطى في مصر بين 1935 حتى قيام 23 يوليو 1952 بكل تناقضاتها وحيرتها بين ترفعها الطبقي وحماسها المندفع، في الوقت نفسه، بنداء "أنا الشعب" لرفع الظلم عن سواد الشعب المقهور تحت وطأة الطبقة العليا الفاسدة!

أهمية هذه الرواية، المكتوبة منذ ستين عاما، أنها تمحو أوهام مقولة "الزمن الجميل" في الزمن الملكي ،التي حاول البعض الترويج لها اعتمادا على إخفاق مجموعة ضباط 23 يوليو 1952 في تحقيق الوعود التي إنتظرها الناس يوما بعد يوم وسنة بعد سنة وحقبة بعد حقبة، حتى تبينت لهم الخديعة ورأوا بأعينهم إنهيار قصور الأحلام، ولكن من يقول أن الوقوع في فساد مماثل للعهد الملكي يعفي العهد الملكي من الإدانة والتجريس؟

في مرحلة إقترابه من مرحلة سنوات الفوران الوطني في  الأربعينات يكون "سيد زهير" قد تمكن بموهبته الأدبية إلى أخذ موقعه في جريدة "بريد الأحرار" يكتب عموده الناري "أنا الشعب" كاشفا فضائح الفساد الواحدة تلو الأخرى: "من فضيحة القطن، وفضيحة تجارة المخدرات، وفضيحة الراقصة التي رفعت رأس رئيس وزراء مصر عاليا في محافل أوروبا عندما عرضت رقصاتها المبتذلة في مواخيرها، وجزيرة كابري التي صارت بقعة مقدسة منذ حل بها الملك الخليع ليظهر للعالم أنه آمون المعبود الجديد الذي يركع له شعب من العبيد ..."، مما جعله في استدعاء دائم أمام نيابة الصحافة متهما  بالعيب في الذات الملكية حتى استحق من زملائه لقب "ألمع نجوم القضايا السياسية"! (أنا الشعب ص 253).

تسرد الرواية على لسان بطلها وصفا تفصيليا صادقا غاضبا للسجن والمعاملات البوليسية الفظة والمهينة في العهد الملكي، وسرقات أصحاب الشركات والمصالح وتحالفاتهم الماكرة ضد مصالح الشعب ليظل مسحوقا بالمرض والجهل والفقر: "...كانت الأخبار كلها تنطق بأننا منهزمون في كل مكان، سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية، ومع هذا كان السادة على أحسن ما يكون الناس رضاء عن أنفسهم، ورضاء عن الحياة..........."، (أنا الشعب ص 85).

إذا كان الشئ بالشئ يُذكر؛ فلا شك أن الثورة بالثورة لا بد أن نذكرها حتى نتلافى الإخفاق الذي تكبدناه على مدار السنوات التي توالت بعد 1952!

تحية لذكرى رائدنا الأديب العظيم "محمد فريد أبو حديد" الذي خلّد بروايته نداء "أنا الشعب" حتى  استحبه الشاعر، من بعده، وصاغه أنشودة غناها عبد الوهاب: "أنا الشعب أنا الشعب لا أعرف المستحيلا"!



 

الخميس، 12 مايو 2011

الحمد لله فقد أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن ترشيحه لمسـؤلية رئاسة الجمهورية: وفقه الله وأعانه على تحقيق ما تتمناه بلادنا منا جميعا: القضاء على الفقر والجهل والمرض!
سأعطيه صوتي بلا تردد فهو جدير بالثقة وحمل الأمانة.

مقالي الذي تم نشره بالمصوّر 11 5 2011

مئة عام على مولد المثقف القدوة: فتحي رضوان
11 مايو 1911 \ 2 أكتوبر 1988
لعلي، بهذا المقال الذي تتفضل اليوم المصور بنشره، أكون المحتفلة وحدي بمئوية هذا الوطني الجليل: فتحي رضوان الذي تتوهج ذكراه المعلّمة مع توهج إرادة الشعب المصري بثورته المذهلة في 25 يناير 2011.

  فتحي رضوان هو من سجنه أنور السادات في هجمة اعتقالاته المروّعة لكل رموز مصر الثقافية والأدبية والسياسية في سبتمبر 1981، ونعته في خطبته يوم 5 سبتمبر 1981 بأنه قد بلغ السبعين وأنه "خرف"!

وكان ذلك الاعتقال لفتحي رضوان هوالتالي منذ خرج من سجن الملك فاروق ليلة 23/7/1952، فمن هو فتحي رضوان الذي عاش عمره يدمج الفن بالجهاد للحق والجهاد بالفن للجمال و لم يفز حتى وفاته ، 2/10/ 1988، بجائزة الدولة التقديرية من أي سلطة حكمت مصر؟ ولا مكان للدهشة والرجل لم يكن في كل العهود إلا جبهة معارضة لصالح الوطن والناس، يرفض المسايرة والتخفي بالرأي طمعا في رضاء السلطان وعطاياه ، وإن كان قد  قبل في بداية حركة يوليو 1952 أن يكون وزيرا مؤسسا لوزارة الثقافة والإرشاد القومي في حكومة عبد الناصر مطلع الخمسينيات، إلا أنه  تعامل مع الوزارة من منطلق الجندي الذي يلبي نداء مسؤليته نحو خدمة الوطن وليس  كمرفأ يهدأ فيه ويسكن أملا في تحقيق مكاسب غير مشروعة والعياذ بالله. أسموه "جناح المعارضة" داخل مجلس الوزراء ، وقد ذكر في كتابه " 72 شهرا مع عبد الناصر" انه كان يتكلم بالبدهيات ويندهش من الذين كانوا يهنئونه علي "شجاعته"!

 كانت "الوزارة" عند فتحي رضوان موقعا جديدا من مواقع جهاده المستمر، ولذلك لم يبق بها سوى تلك الشهور المذكورة في كتابه ولم يتقلد بعدها أي منصب وزاري آخر حتى رحيله ، فلم يكن من الممكن لمثله أن يحتمل، بفتحة علي الياء ـ أو يُحتمل ـ بضمة على الياء ـ فآثر الانسحاب من المناصب السلطوية كلها ـ وخرج لائذا بمكتب المحاماة وقلم الكتابة، وحين أتيحت صحف المعارضة ـ في المرحلة الساداتية ـ اصبح من أشد فرسانها جسارة وبسالة، يقول الحق كاملا ووقت لزومه في يسر وبساطة وسيولة ، شهيقا وزفيرا وتنفسا طبيعيا لصدر الأمة.

 كانت مقالاته الأسبوعية ، في ذلك الزمن السبعينات والثمانينات في جريدة الشعب ، بلسما لجراح القلب والروح والفم، كانت قراءتي لها مخففا لإحساسي بالاختناق حين لم يكن بإمكاني كتابة رأيي  فما من مقولة قيلت ، أو إجراء تم، أو حادث حدث ، وتمنيت في إثره رفع صوتي وقلمي بالاعتراض أو التفنيد إلا ووجدت عند أستاذنا النبيل فتحي رضوان ما يشفي غليلي ويكفيني ، وقد أسرع بمبادرة في مقاله الأسبوعي يقظا متابعا متصديا في شهامة ، مواجها السلطة ، أيا كانت ، العين بالعين في فتوة ونصاعة وشموخ ؛ بين جيله وأقرانه هوحقا: "الكاتب الحر" الذي لم "يحسبها" أبدا.

كنت أرى في مقالاته ـ مع قوة الموقف ـ "فن كتابة" يتألق بين الكلمة والكلمة والسطر وما يليه ، أدبا راقيا مصقولا من العنوان الى المدخل حتى نقطة النهاية ، في إيقاع منضبط  كأنه الشعر، وكنت أقول: ها هو فن المقال يعود به فتحي رضوان ليصبح فن المرحلة المسيطر. توارى المسرح وتوارت القصة وتوارت الرواية ، حتى الشعر تقهقر لان تلك المرحلة ـ مرحلة كامب ديفيد والهيمنة الأمريصهيونية ـ فرضت فنين لازمين لها: فن الخطابة وفن المقال، وفي الفنين أشرق فتحي رضوان ابنا متطورا ممتدا من موقف وبلاغة مصطفى كامل .

أول لقاء لي وجها لوجه مع فتحي رضوان كان يوم 25/11/1981 عندما كان الإفراج عن الدفعة الأولى من معتقلي تلك الهجمة الساداتية السبتمبرية فادحة الظلم والإستبداد . واللقاء الثاني كان بمكتبه بشارع عبد الخالق ثروت حيث أهداني كتابه الضخم القيم "الإسلام والمسلمون" ، وعرفت يوم مولده 11\5\1911 ، السنة التي ولد فيها نجيب محفوظ ، وكان عيد ميلاده "السبعون" قد مر وهو ملقى بالسجن الساداتي تحت سيل هجوم وتنديد ينعته على الملأ بـ"الخرف" وهو النموذج المبدع في الوعي والحكمة.

تتضمن قائمة مؤلفات فتحي رضوان الطويلة: 16 نصا مسرحيا ، و4 مجموعات من القصص القصيرة ، 4 كتب من أدب التراجم ، و3 في الذكريات السياسية ، ومثل عددها في التاريخ السياسي ، وكتابين في السياسة والاجتماع ، و7 دراسات نقدية وإسلامية مختلفة ، ومذكرات في القانون الدستوري ، وبحوثا قصيرة ومالا يعد ولا يحصى من المقالات والخطب ، غير أن احب كتبه إلى نفسه كانت: "خط العتبة" ، و"الخليج العاشق"، و"محام صغير"، و" 72 شهرا مع عبد الناصر"؛ حين أعود لقراءتها يبدو كأني أستعيد سماعه وهو يتكلم بحديثه الطلي المتدفق الممتلئ بالشجن والحزن والمفارقات والدعابة والضحكات ، فهذه الكتب الأربعة هي مسلسل سيرته الذاتية منذ كان طفلا فصبيا فشابا فكهلا وشيخا، وهي أعمال أدبية تجتذب بأسلوبها الوهاج المفعم بالحيوية قارئها وتأخذه عدوا يلهث بين الصفحات كأنه في زورق على سطح شلال لا يملك أن يتوقف أو يلتقط أنفاسه حتى يبلغ منتهاه فيفيق ليجد أنه ، رغم سرعة حركة الصور، صار متملكا لهذه الصور المتتالية الكثيفة حتى ليخالها القارئ ، بتداخلاتها المتراكمة وتفصيلاتها الدقيقة ، جزءا من تجربته هو الشخصية وفصولا حية من ذكرياته يجتر نوادرها فيضحك، ويستعيد آلامها فيعتصر القلب. وأنا اشهد أنني لم أقرأ في أدبنا المصري المعاصر نظيرا لمثل السيرة الذاتية في "خط العتبة" ، و"الخليج العاشق" ، التي تسجل حياة طفل مصري نما وترعرع في حيين من أعرق أحياء القاهرة ، وأكثرها ازدحاما بالحوادث والشخصيات والعلامات ، وهما "حي السيدة زينب" ، و"حي الخليج" المجاور له، ذلك الطفل الذي شاء له الله سبحانه أن يكون من أفضل وجوه الثقافة والوطنية المصرية ، وأن يكون مع ذلك من بين الذين أسماهم هو في كتابه "مشهورون منسيون" ، إلى جوار المجاهد "محمد فريد" و"عبد العزيز جاويش"، وغيرهم الكثير الكثير، الذين يسقطون سهوا أو عمدا أو جهلا من كتابات الراصدين لمشاهدنا الثقافية والأدبية والفنية والجهادية.


الأحد، 8 مايو 2011

وقى الأرض شرّ مقاديره    لطيف السماء ورحمانها

ونجى الكنانة من فتنة     تهددت النيل نيـــــــرانها

السبت، 7 مايو 2011

مقالي الذي نشرته الأهرام في ملحق الجمعة صفحة الساخر 6\5\2011 

الأوفياء للقتلة واللصوص

برافو إلهام شاهين؛ أنت لا شك صادقة مع نفسك، وطبعا من كامل حريتك أن تتعاطفي مع اللصوص والقتلة. لست وحدك اطمأني، ففي الديموقراطيات لابد أن نجد قلة منحازة ضد مصالح الشعب؛ غير آبهة لآلامه وغير مدركة لجبروت القهر الجاثم على صدره، وإن أدركت فهي مستهينة به. لاعليك فلن يغضبنا هذا التّبلد على العكس نفرح لأن الغالبية نجت من هذا العمى!

تذكر لنا صفحات التاريخ من صاحبوا الجبارين والمستبدين والطغاة والذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، وبرروا أفعالهم، ومنهم من صفقوا إعجابا بمذابحهم ونعتوها بالرائعة، بل كان هناك من لاموا الضحايا وانزعجوا من آهاتهم وتقززوا من جراحهم واتهموهم، في لحظات القصاص من ظالميهم، بالحقد والغل والتشفي وسوء الأدب الذي لم يراع أن العين لا تعلو على الحاجب، ولم يتوقعوا حقيقة أن العين تعلو على الحاجب عندما تتورم، فما بالنا بمشاهد الضحايا الشهداء الأحياء، أبناؤنا أكبادنا أطفالنا، الذين كانت عيونهم هدفا تحدد مقصودا لرماة جبناء أطلقوا قنصا الرصاص، خاضعين عبيدا لتعليمات سلطة آمرة أعجبها، مع الإعدام الجماعي لشعب أعزل يمارس حقه في الإحتجاج السلمي، أن توسع عيونه قلعا وفقعا وخزقا.

من هذا المسؤول عن مرض حب الطغاة؟

"قلبي يكمخ الشاي مثلك يا قوري"، هذا مطلع أغنية تراثية من أغنيات الشعب العراقي ومعناه: قلبي، من اشتعاله، يسوي الشاي مثلك يا إبريق. وقبل أن أكتب "إبريق" كدت أقول "براد"، فنحن في مصر نسميه "براد شاي"، نعم: الناس "تسخن الشاي" ونحن "نبرده"، وأنا أتمنى أن أفلح في تبريد ما يشتعل في قلبي من ألم وحسرة وغيظ بسبب هؤلاء الذين رأوا أنه من "الإنسانية" أن "يبقششوا" على اللصوص والقتلة من جيب الضحايا، وما دام المثل القائل "كبّب، سقّي، كُل يا مدهي" لا يزال هو المرشد في لغط المتكلمين فلماذا لا تعلو صيحات الصخب، من أمام مسبيرو وميدان مصطفى محمود،المنادية بضرورة عودة المستبد الجزار بدعوى أنه الدواء الناجع لقهر الفوضى، ولم شمل الأمة وانضباطها في زنزانة الخوف؟

  الغريب الذي رصدته أن من سالت دموعهم مع اجراءات القصاص كانوا ينتحبون افتقادا لـ "قسوة الجلاد". أجل! إنه "المرض": مرض حب الطغاة!

تأملوا معي المعاني التي تغنى بها كبار مطربينا، وعلى رأسهم أم كلثوم وعبد الوهاب، تأملوا معي أغنية تدور مدلولاتها حول: "لي لذة في ذلتي وخضوعي/ وأحب بين يديك سفك دموعي"، وكانت من أشهر أغنيات أم كلثوم في مطلع القرن العشرين، وتابعوا القائمة الطويلة والتراث المتراكم من أغنيات وأشعار الحب المتسول الخانع الذي يرفع شعار غناه عبد الوهاب: "أحبه مهما أشوف منه ومهما الناس قالت عنه..... بيظلم فيّ وبحبه وده قاسي عليّ وبحبه...آه...آه...آه...أنا أحبه". وحين يخطر ببال مشمئز من هذا الانسحاق أن يقول: "حبّك برص"، يطلع من يعود بعبد الوهاب يرد مؤكدا: "مولاي وروحي في يده/ قد ضيعها سلمت يده...."، وتزاحمه من تقول: "يا لايمين في الهوى حوشوا الملام عني".

ولأن أم كلثوم هي قمة الغناء والطرب، فقد يجوز لنا أن نحملها مسئولية إشاعة مرض حب الطغاة، فلقد أبدعت، من بدايتها إلى نهايتها هي ومؤلفوها وملحنوها في تزكية ذلك الاتجاه المؤدي إلى الابتلاء بحب الظالم، المفتري، الوغد، الذي يمسح بالمغرمين البلاط ويعصرهم ويرميهم في الجردل، ثم يسعّف بهم السقف – بصفتهم رأس عبد – ويملأهم بالعناكب ومع ذلك يغنون خلفها بتناحة: "صعبان علي أقول لك كان والحب زي ما كان وأكتر/ وأفكرك بليالي زمان وأوصف في جنتها وأصور....أيام ما كنا احنا الاتنين: إنت ظالمني وأنا رااااااااضي!"، وحين يحاول أحدهم أن يستعين بعبد الوهاب: "أوعى يا قلبي تكون حنيت للي شكيت منه وبكيت...."، تأتي أم كلثوم بالحجة: "...إنت العذاب والضنى والعمر إيه غير دول؟"، ويستسلم القطيع لمصاص الدماء النموذج في أغنية: "يا للي كان يشجيك أنيني.. كل ما اشكي لك أسايا"، ومع هذه الاستكانة المروعة، لهذا الذي يشجيه الأنين، تصهلل أم كلثوم: "عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك...؟"، ومعها جماهير السرادقات الذين وقعوا في براثن حب القتلة والسفاحين يواصلون التلذذ بجعير غليظ : "كان منايا يطول حنيني.. للبكا وإنت معايا"!


الأربعاء، 4 مايو 2011

  مقالي المنشور اليوم في المصوّر

عشرون عاما على رحيل موسيقار الأجيال.. محمد عبد الوهاب
 اليوم 4 مايو 2011 تأتي الذكرى العشرون لرحيل محمد عبد الوهاب ؛ موسيقار الأجيال بحق ، ولا يبدو هناك أي مؤشر على نية للإحتفال بها، ولا غرابة فلقد  مرت من قبل ذكراه الـ15 بطناش مماثل، إذ جاءت وقتها في ظل ضجيج فيلم عبد الحليم حافظ فلم تأخذ حقها إلا بلقاء عابر مع ابنه المهندس محمد محمد عبد الوهاب، الذي أكد بوقار شديد حقيقة أن 1901 هي سنة مولد والده، يعني أن عبد الوهاب توفاه الله وهو في التسعين بالتمام والكمال، وكان عبد الوهاب  يعلق على كل من كان يقول له: لله يعطيك الصحة، بقوله: هو قصده يقول إنت لسه عايش!

ولدت وعبد الوهاب نهر جار، إذا نظرت خلفي لا أرى له بداية وإذا نظرت أمامي وجدته ممتدا، وإذا نظرت حولي كان محيطا بي من كل جانب، جيلي بالذات ـ مواليد الثلاثينات ـ هو الجيل الذي عرف وألمّ بكل أطوار عبد الوهاب وارتبطت معظم لحظات حياته بأغنية أو نشيد من أغنيات وأناشيد عبد الوهاب:   "إلام الخلف بينكمو إلاما، وهذي الضجة الكبرى علاما، وفيما يكيد بعضكمو لبعض، وتبدون العداوة والخصاما، وأين الفوز لا مصر استقرت على حال ولا السودان داما، وأين ذهبتمو بالحق لما ركبتم في قضيته الظلاما، شببتم بينكم في القطر نارا على محتله كانت سلاما، شهيد الحق قم تره يتيما بأرض ضيعت فيها اليتامى..."!

في طفولتي قبل سن العاشرة كنت أردد هذه القصيدة تلحين وغناء عبد الوهاب وأبكي خاصة عند المقطع الشجي المطرب: "وأين ذهبتمو بالحق لما..."، كنت أغنيها وأحب صوتي عند هذا المقطع بالذات وأكرره وأكرره وأكرره، كأني أخطب في حشد، وكانت مظاهرات الأربعينات من القرن الماضي تشتد: "الجلاء بالدماء" وعبد الوهاب في المذياع ينشد:  "هتف الداعي ونادى للجهاد، أي بشرى... كل مصري ينادى، أنا ملك لبلادي.. قلبي يميني لساني روحي فدا أوطاني، كان الجهاد أماني واليوم يوم الجهاد!"، ويغني أيضا: "مصر نادتنا فلبينا نداها وتسابقنا صفوفا في هواها".

 طفلة دون العاشرة لكني  كنت أحفظ الكلام وأغنية بالفصحى وأبكي، وكان هناك نشيد: "أيها الخفاق في مسرى الهواء!" فكنت أسمعه: "أيها الخفاق في مصر الهوى"! وأغنيه بفهم خاص لا علاقة له بأصل النشيد، ويشتد بي الحماس وأنا أردد بإصرار "مصر الهوى"، وكان لنا جار كفيف يهودي اسمه داوود زكي وهبة، وينادونه "دودو"، كان "دودو" يحب عبد الوهاب ولا يتكلم بلهجة أهله بل يحمل آلة عوده في رواحه ومجيئه ويتكلم لهجتنا ويغني ليلا في البلكونة بصوت جميل أنشودة الفن: "الدنيا ليل والنجوم طالعة تنورها" وحفظت اللحن من "دودو" من كثرة ترديده الأنشودة في البلكونة،  لكني كنت أقول "نجوم تغري النجوم من حسن منظرها"،  بدلا من الصحيح وهو "نجوم تغير النجوم من حسن منظرها". وكنت قد بلغت العاشرة أثناء حرب فلسطبن 1947 عندما غنى عبد الوهاب "أخي جاوز الظالمون المدى..." وتصورت أنني يمكن أن أسمعها من "دودو" كذلك، فهي جميلة و"دودو" ذواقة لكنه لم يغنها أبدا رغم أنه لم يهاجر مثل بقية الجيران اليهود وظل بمصر إلى أن مات.

 وأنا دون العاشرة لم أر فيلما لعبد الوهاب ولكني كنت أسمع بعض الأفلام في المذياع. بهرني فيلم "لست ملاكا" وحفظت وقتها كل أغانيه، وهو يكاد يكون آخر أفلامه التي لعب فيها دورا رئيسيا حيث أنه لم يظهر في فيلم "غزل البنات" إلا كضيف شرف، يغني "ليه ليه يا ليل ليلي طال... ليه ليه يا عين دمعي سال....". إحساسي بأغنية "ليه ليه"، أنها أغنية جديدة! رغم أنها منذ عام 1950.

 في صباي بعد عام 1952 لم أحب أغنيات عبد الوهاب ابنة المرحلة، كنت أحس أنها مسلوقة. واشتد تعلقي بعبد الوهاب ما قبل ميلادي 1937، عبد الوهاب "كلنا نحب القمر والقمر بيحب مين؟" وكنت أغنيها "كلنا نحب القمر والقمر يحب إبراهيم" إشارة إلى أخي الحبيب. كان لدينا فونوغراف قديم واسطوانات قديمة لسيد درويش وأم كلثوم في مرحلة "إن كنت أسامح وأنسى الأسية" ومجموعة لعبد الوهاب تغطي مرحلة "خايف أقول اللي في قلبي" و"على غصون البان" و"أنا أنطونيو"...إلخ، لم تكن الإذاعة تذيع مثل هذه الأغنيات بما يشفي غليلي فكنت أحبس نفسي بالساعات مع الفونوغراف وعبد الوهاب القديم وأخرج لصديقاتي بالجامعة وهن يدندن بـ"كل ده كان ليه لما شفت عنيه" وأنا غارقة في أجواء "الليل يطول عليه..." و"مريت على بيت الحبايب" و"مين عذبك بتخلصه مني" و"حسدوني وباين في عنيهم" و"مضناك جفاه مرقده..."، وظلت "الجندول" و"الكرنك" و"همسة حائرة" و"الحبيب المجهول" و"كيلوباترا" كأنها المعلقات تعصر قلوبنا وجدا وتمتزج في مخزون الذاكرة وتداعياتها برائحة الفل والياسمين وعبق التمر حنة والحب الصامت وليالي امتحانات آخر السنة.

لم يكن العقاد يحب عبد الوهاب وكان في ندوته يوم الجمعة يسخر منه كلما سنحت الفرصة ويقول توثيقا لرأيه بأن عبد الوهاب مغن ضعيف لا يفهم ما يغني: اسمعوا أغنيته "مين زيك عندي يا خضرا في الرقة يا غصن البان، ما تجودي علي بنظرة وأنا رايح للميدان..." بذمتكم هل يليق هذا اللحن المترقق بموضوع حماسي: ده رايح الميدان وللا رايح ينام؟! وكنا نضحك لتحامل العقاد رحمه الله على عبد الوهاب ونعرف أنه تحامل مكمل لتحامله على أحمد شوقي أمير الشعراء، ولكن هذا لا يمنع أن العقاد كان فعلا قد التقط  نقطة ضعف لدى عبد الوهاب، فأغنيته الوطنية والسياسية كانت تميل للإحساس المثير للأشجان أكثر من كونها دفقة حماسية تؤجج النيران، ومثال على ذلك لحنه الراقص لكلمات "دقت ساعة العمل...الثوري"! أغاني أم كلثوم الوطنية تدفعك للقتال دفاعا عن الوطن، أما عبد الوهاب فيدفعك إلى الإحساس الشعري بمعنى الوطن، ولذلك فحتى عندما غنى للملك فاروق جاءت أغنياته طربا وشجونا وامتدادا لمعنى الوطن، ولذلك لم يرض عنه الملك أبدا ولم يمنحه لقب "بك" الذي منحه ليوسف وهبي بعد أوبريت "الأسرة العلوية" في فيلم "غرام وانتقام"، ومنح أم كلثوم لقب "صاحبة العصمة"، أما عبد الوهاب فلم يذق طعم اللقب الذي هفا إليه،  لكن الأيام عوضته بغزارة عن لقب "البك" الملكي ليحصل على اللقب الجماهيري "موسيقار الأجيال" الذي استحقه بجدارة، وسيظل ملازما له فوق ألقابه الزائلة، سواء أكانت "مطرب الملوك" أم ذلك اللقب المضحك الذي منحته له الدولة في عصر السادات: "الدكتور اللواء محمد عبد الوهاب"!


قمت بحذف كلام لعلامة منقولة من علامات نوادي البلاىبوي (وهي نواد للماجنين في أمريكا وغيرها)، محبة مني في الإعراض عن الجاهلين.

حفظ الله ذكرى شهداء الأمة الإسلامية وهو سبحانه بكل شئ عليم.

ونكتفي بهذا القدر.

الثلاثاء، 3 مايو 2011

الشهيد أسامة بن لادن:

اللهم تقبله مع الصديقين والأبرار وشهداء الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها على مدار الزمن الإسلامي حتى يوم الدين!

واجعل دمه لعنة على القتلة المتفاخرين بنصرهم المخزي، والمتباهين ببدائيتهم ووحشيتهم، المتلذذين بأكل لحوم البشر!

اللهم أرنا فيهم إنتقامك العادل وتحقق آيتك رقم 44 من سورة الأنعام: "فلما نسوا ماذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون"،صدق الله العظيم.