فن كتابة:
المشير محمد حســين طنطاوي
لست أمّ العرّيف، ولا أدّعي مستندات ووثائق، ولم ولن أقابله في حياتي، لكنني ،بإحساس داخلي، رأيته؛ المشير "محمد حسين طنطاوي"، منذ تتابعت أحداث ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011، مثال: "رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه"، وهذا الرجل المؤمن من آل فرعون ذكره القرآن الكريم في سورة غافر آية 28 لنعرف أن هناك دائما في دائرة الظالمين والقتلة واللصوص مَنْ يكتم تأييده للمظلومين وتعاطفه مع المقهورين ويُخفي رفضه للمفسدين وغضبه وقرفه من مُمارسات غرور السلطان وتجبّره، في مسايرة مؤقتة، حتى تحين فرصة مؤازرة الحق فيكونون عونا لنصرته.
حتى الآن لا أستطيع أن أميّز صوته من بين الأصوات؛ فهو ليس كثير الكلام وإن تكلّم فهو خفيض النبرة مختصر موجز مباشر الهدف نحو البؤرة المطلوبة من الخطاب. قادر على كتمان غضبه من دون محاولة لإنكاره، لا يبتسم ولا يتجهّم؛ له سمت مُحافظ مهذب تساعده عليه ملامحه الدمثة التي خلقه الله عليها. كان من الممكن في ساعات البغتة الثورية أن ينحاز إلى الذين أمروا بقطع الاتصالات الهاتفية والحاسوبية وأطفأوا الأنوار ليشيعوا الارتباك والفزع بين الشعب الذي خرج يقول حقي برقبتي، لكنه آثر في تلقائية حاسمة أن يكون مع منطق الرجل المؤمن: "أتقتلون رجلا أن يقول ربيَ الله" ،فلم يتحسس عنقه، تحسبا لنتائج كان من المؤكّد أن تطيح برأسه، بل انطلق بقلب شجاع ينبض بتساؤل مخلص: أتقتلون شعبا انتفض لكرامته ولم يخش في سبيل ذلك كائنا من كان؟
صدّقت تأكيداته كلّها؛ أن لا رغبة له في السلطة، (سلّمها بالفعل 30 يونية 2012 من دون جلبة في يسر وسلام)، أنه مرحلة انتقالية وليس "حُكما" لـ "عسكر"،( نعم لم يكن "عسكر" كالذين حكمونا بالفعل على مدي 60 عاما وطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، وهناك الآن من يحاول بعثهم بعثا رثّا بجهلهم وغبائهم وأنانيتهم وتلعثمهم في كل الأمور)، تلطمنا المذبحة من شارع لميدان، وأرى جزءا منها بعيني من شرفتي المطلة على ميدان العباسية، وأصدقه في تكرار قسمه أنه لم ولن تمتد يده لقتل مواطن مصري، ناهيك عن ثوار أجلاء ساندهم منذ اللحظة الأولى، لأنني تعرّفت عليها في الحال: تلك بصمة اللصوص والقتلة، فالثعابين وبيض الثعابين الذي يفقس كل لحظة بأفواج من الفلول مختلفة الألوان والأشكال والسموم واللدغات تنسل مواصلة تقديم خدمات الفتن والفوضى المأمولة خلاقة وخناقة، ومنهم من لبس قناع الثائر وسارع في الأيام الأُوَل للثورة بتشكيل مجلس حكماء ذهب إلى كتلة الشعب الطيب بميدان التحرير بنية سوداء حمقاء لنزع فتيل الثورة، على حد قولهم صراحة وفضاحة، ومنهم من ظل يُحرض للضرب بيد من حديد مع شعلات لهب العين الحمراء، ومنهم من ظل يسفه مقولة "شرعية الثورة" و"الشارع لا يريد"وهي تنديدات تتجدد إلى الآن يرفع لواءها على السمان!
نفض عن كتفه فتنة المديح، حين نُسب إلى محمد حسنين هيكل قوله، الذي امتعضت له، أنه لا يتحرج من اعتبار المشير طنطاوي رئيسا للجمهورية، وتجاوز عن الكثير من الاتهامات، التي حمّلته أوزارا ما أنزل الله بها من سلطان؛ تناثرت بها مفردات ككرات النار عن صفقات وتحايلات واتفاقات وخبايا وأسرار.................إلخ إلخ إلخ!
لا أصدق حتى الآن سوى إحساسي أنه حرس مصر من شرور مستطيرة كانت على الباب تنتظر غفلة أو تخاذلا وتقدم للإنقاذ في نبل لايريد من مخلوق جزاء ولا شكورا.
اليوم 27 أكتوبر يسبق عيد ميلاده السابع والسبعين يوم 31 أكتوبر 2012، فكل عام وهو طيب.