الجمعة، 12 أكتوبر 2012


حكيم روحاني حضرته

الذي تعودنا عليه منذ زمن بعيد هو ولع البعض باعطاء النصائح الطبية؛ أحيانا بدعوى "إسأل مجرّب ولا تسأل طبيب" وأحيانا بدعوى موروثات الطب الشعبي ونصائح العطارين وحلاّقي الصحة وأحيانا من ثقافة وقراءة مجلّة الدكتور وما إلى ذلك من المعروف والثابت والمُسلّم به. كما أننا تعودنا منذ زمن أبعد على استباحة النقد المسرحي والأدبي والفني من كل من هب ودب؛ يقول ويقرر ويشيل ويحط  باعتبار أن بوابة الفنون من غير بواب يدلف إليها من شاء وقتما شاء وكيفما شاء يعيث الفساد في الأصول والعموم والقواعد والابتكارات وعلى المتخصصين الصمت الرصين في خضم الضوضاء.

 الجديد الذي شد حيله هذه الأيام هو انتشار ظاهرة "أبو العرّيف" الذي يفتي في كل شئ من أول الديانات والحقائق التاريخية والقوانين  والدساتير والبرلمانيات والكوتات حتى الإقتصاد والتشكيلات العسكرية والوزارية؛ التي لا يتردد فيها كل "أبو عرّيف" بالإعلان عن قائمة ترشيحاته التي تحدد من يصلح ومن لا يصلح لهذه الوزارة أو تلك، وغالبا ما تكون القائمة هي مجموعة أصدقاء ومعارف السيّد المتطفف في التقدير المتطفل على شأن ليس من شأنه، ناهيك طبعا عن المسألة الزراعية التي قرأنا فيها العجب العجاب فيكفي أن يكتب من يكتب صارخا "القطن القطن" أو "القمح القمح" حتي يصبح خبيرا زراعيا يشار له بالبنان تستدعيه اللجان للإدلاء بدلوه، ولوكان من خريجي الحقوق والآداب والفنون التطبيقية، ويُستبعد من أجله من أفنى حياته بحثا وزرعا وحصدا في العلم الزراعي وفي لب المشكلة الزراعية!

أما آخر ما ورد في هذا الأمر  فهو "التحليل النفسي"، فقد صار عدّة النصب التي يلت ويعجن بها العديد، إذ يجلس من يتصوّر حاله "حكيم روحاني حضرته"، من الذين نصّبوا أنفسهم مرشدين للرأي العام، لا يتوانى عن الاسترسال بالثرثرة الجاهلة البلهاء بأقوال كيفما اتفق مُحرّفة مخطوفة خارج سياقها من قول عالم أو صفحات كتاب، لا يهمه الخلط والتبجح بالتعالم من غير علم، ولو كان على حساب غمط  جهد ثوار استشهد منهم من استشهد وضحى منهم من ضحى بأغلى حواسه دفعا للظلم وشراء لحق العزة والكرامة للبلاد والعباد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق