السبت، 12 يناير 2013

فن كتابة:

أفخاخ لصيد الكتابة

+  يعاودني احتباس الكتابة؛ تكثر الكلمات في دمي ولا أستطيع أن أدوّنها. أضع أفخاخ صيد الكتابة في كل مكان أتحرك فيه عادة: نوتة وقلم على الصندوق الأسود جوار سريري من جانبي الأيسر، ونوتة وقلم على الوسادة لاحتمال تقلبي إلى جانبي الأيمن، نوتة وقلم في المطبخ، نوتة وقلم في الدرج جوار باب الخروج، وأماكن أخرى نسيتها لكنني أفاجئ نفسي بأنها تحتوي نوتة وقلم، ذلك كأنني أصيد فأرا بالمادة اللاصقة التي أتربص له فيها بكل مكان، غير أن الكلمات عندي ليست فئرانا؛ إنها صمت يشكشك دمي. هذه الجملة الأخيرة عالية النبرة وأكاد أشطبها خجلا منها لكنني أتراجع متسائلة: وما الضرر في علو النبرة أحيانا؟ إجابتي هزة من رأسي تذكّرني بمراحل يزيد فيها الخفوت وتتهم بالخيانة، ومراحل يزيد فيها علو النبرة وتتهم بالتطرف وربما بالإرهاب.

المكرونة على النار في الماء المغلي أثناء نضجها أجفف شعري، وتحت صنبور الفلتر، الذي يتساقط منه الماء بطيئا، أنتظر إمتلاء الزجاجة حتى أصبها في الغلاية الكهربائية لأعد كمية الشاي التي تكفيني  لاستراحة أتوقف فيها حتى يبرد جهاز مجفف الشعر. تتجمّع بضع كلمات أسارع بتدوينها قبل أن تتسرّب وتضيع في دمي.

أجد تشابها بين التجمع البطئ لنقاط المياه من الفلتر في الزجاجة والتجمع البطئ للكلمات على الورق، حين أدون هذا التشابه في صياغة أقرؤها أشعر بنفور؛ هذه المرّة ليس علو النبرة الذي لا يرضيني لكن ما يبدو افتعالا للبراعة. أتوقف عن التدوين.

+  حتى مطلع القرن العشرين؛ ربما حتى نهاية العشرينات منه، كانت تهمة "رجل حليق" من القذائف الموجعات التي يُرمى بها الرجل إذ تعني أن المتّهم ليس له شارب ولا لحية فهو، بعيد عن السامعين، "حليق"! أي ناقص الهيبة والرجولة ويخضع لغزو النمط الغربي فيتشابه بالهيئة والتصرفات مع نماذجها الدخيلة التي يرضاها العدو ولا يقبلها المُحب لدينه ووطنه، وكانت هناك أغنيات تندد بما كان البعض يعتقده من "الخيبة على آخر الزمن" حتى ذاعت واحدة تقول: " ياما نشوف حاجات تجنن البيه والهانم عند المزيّن"!  دار الزمن دورته وصارت التهمة "رجل مُلتحي"؛  يُنكّل بصاحبها ويُحرم من الإلتحاق بصفوف الجيش والبوليس؛ " وياما نشوف حاجات تجنّن"!

+ من قال أن "المواطنة" تتطلب الاعتذار عن الدين والتديّن؟

+ أشياء فقدت مذاقها الذي كان سر اشتهائنا لها: الكباب والفول والطعمية؛ الحمد لله مازال لدينا البصارة!

+ أفتقد القهقهات، فهي لم تعد بإمكاني، على الرغم من كثرة "الهزار"، الذي أراه سمجا للغاية.

+ في مناقشة عام، 1971،  حول حقوق الفلاحين  فوجئت بالأستاذ عبد الله عبد الباري، (واحد من أهم رؤساء مجلس إدارة مؤسسة الأهرام)، يباغت حماسي لدفع الظلم  عنهم بقوله: "يا صافي ناز الفلاحين دول قرايبي وأنا عارفهم ولاد ..."!  الموعظة من ذكر هذا هي: التنبيه إلى أن التحريض على أكل حقوق الناس يأتي من كبرائهم؛ فهم العدو الذي يجب أن نحذره.

+ صبرا آل جامعة النيل: إن موعدكم زوال الظلم والبغي والعدوان، وإنّا والله معكم في غاية الأسف والغضب والدهشة، ولا بد أن يكشف ربنا لنا، في القريب العاجل،  كل الأسرار لنفهم هذا اللامنطق الذي يفرض نفسه عليكم وعلينا من دون "إحِم" أو دستور!

هناك تعليقان (2):

  1. الأستاذة الفاضلة ألف تحية من الجزائر
    لو توقفت المسألة عند الوصف لهان الأمر. رجل ملتحي يُعد وصفا مقبولا ولا ضررا فيه ،لكن أن تصل إلى حد محمد نيرون فهذه مسألة فيها نظر ؟ . لست إسلاميا لكن لا أجرؤ على وصف الدكتور محمد مرسي ب "نيرون "

    ردحذف