الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

ثورة 25 يناير أنقذت سندريللا

كنت من مدة ،لا تقل عن سنوات، قد ثبت لدي أن سواد الشعب المصري هو "سندريللا"؛ إبنة البيت الأصلية والأصيلة، التي حرمتها زوجة والدها من كل حقوقها وجعلت حدودها المطبخ والمسح والكنس وكل المهام القذرة والشاقة بالمنزل، لا تلبس إلا الممزق ولا تأكل سوى الفضلات، وتنام جوار الفرن تلهو حولها الفئران، رغم أن أبو سندريللا هو المتكفل بالإنفاق. ورغم أن زوجة الأب من جنس سندريللا ودينها إلا أن أنانيتها ولدت في نفسها القسوة التي سوغت لها حرمان سندريللا واغتصاب كل شئ لنفسها ولإبنتيها ليعشن في الترف والرفاهية وصدر المجتمع، وعندما اتسخت سندريللا ، نتيجة لحياتها الشاقة ، اشمأزت منها زوجة الأب وإبنتاها ورفضن مخالطتها إلا على مستوى إلقاء الأوامرحتى انتفى وجود سندريللا الإنساني في أذهانهن فلم تخطر ببالهن عندما سألهن مندوب الأمير عن عدد الفتيات بالمنزل وأشارت زوجة الأب إلى إبنتيها فحسب لتحضرا حفلة الأمير، إلى آخر الحكاية المشهورة.
كانت حكاية سندريللا، مثل كل الحكايات الشعبية ، تتبدى أمامي مليئة بالدلالات  الموجعة التي لم تبرحني في أي لحظة ، وكانت قد قفزت إلى ذهني بشدة حين أُفرغ الشارع القاهري من الشعب خلال زيارة السيد أوباما لمصر، يونيو 2009، فلم ير إلا مَن وما تم اختياره ليراه بحسبانه "مصر"، لكن الأمر لم يقتصر على هذا المثال فحسب إذ أن دلالات الحكاية تمثلت في التوجه العام لأحوالنا الذي جعل الكاتب أسامة غريب، المتهكم من الألم ، لايتردد في أن يختار لكتاب له عنوان: "مصر ليست أمي ..دي مرات أبويا"! رافضا تلك العقلية التي تتملكها الأنانية والقسوة فتتنكر للسواد الأعظم من الشعب ، الذي هو من لحمها ودمها، إذ ينتمي الكل إلى أب واحد وأم واحدة ، لكن أصحاب العقلية النرجسية الشحيحة تعاموا عن وجوده ندا لهم فلم يعودوا يرون وجودا للشعب إلا في ذواتهم، وقد استحضروا لأنفسهم مظاهر الأرستقراطية البائدة وانتفشوا بالغرور والمظهرية زاجرين السواد الأعظم من الشعب ليختفي ـ مثل سندريللا ـ وراء الستائر حتى لا يعكر واقعه العشوائي البائس عليهم صفو التصور بأن ديكورات الترف المزيف ، التي أحاطوا بها أنفسهم ، هي الحقيقة الوحيدة لواقع البلاد !
لم يدركوا أن ديكوراتهم رسم ردئ للمحات من معيشة غربية زهد فيها أصحابها، الذين، لاشك، يصيبهم الغثيان من جراء التباهي بديكورات رديئة منقولة عنه.
كان حتما أن ينبثق المنقذ من كل هذا الضلال في 25 يناير 2011: ثورة باسلة  تكشف الغطاء عن وجهها الشعبي الذي يتجلى في صدقه كل الجمال رغم  ما عاناه من البؤس والإهمال؛ الجمال الذي يزين البلاد بأصالته فيمحو آثار الإساءة الحقيقية لسمعة الوطن، الإساءة التي جلبتها علينا ديكورات الزيف والتكبر والأنانية.
 بالطبع لم يكن ممكنا أن تظل سندريللا مختفية ومطمورة إلى الأبد تحت الكراسي الوثيرة لسرّاق البلاد وقتلة فلذات أكبادها.

هناك 4 تعليقات:

  1. السيدة الفاضلة

    اصبتي في دقة الوصف

    تحيتي لكي

    ردحذف
  2. سواد الشعب وان كان مثل سندريلا فيما وقع عليه من ظلم ..فانه فاق سندريلا في التعرض له حيث انه الوريث الوحيدلمصر واستجلبوا له بعض اللصوص الخونة..
    سندريلا كان يظلمها شركائها في التركة!!
    منذو يومين كنت اسأل نفسي لماذا لم يكتفي هؤلاء اللصوص بالسرقة فقط؟؟لماذا راحوا يعذبون المنهوب ؟؟!!بل ويرتكبون الكبائر ويلصقونها به؟؟!!
    هل كان غباء مستحكما مستفحلا؟؟!!
    ام فرعنة فاقت كل الفراعيين؟؟!!

    ردحذف
  3. الأستاذة الفاضلة صافي ناز كاظم ألف تحية من الجزائر
    لكل زمن سندريللا،
    أو عندما تتحول الخادمة فاطمة الزهراء إلى جميلة بوحيرد و نوارة نجم


    مشهد يؤلمنا في الجزائر ويمس كينونتنا الحضارية و ذاكرتنا التاريخية و الجماعية ، مشهد قلدته السينما المصرية ببلادة وغباوة و ببغائية قل نظيرها . كان الاستعمار الاستيطاني يلقب جميع الخادمات الجزائريات الفقيرات اللواتي دفعهن الفقر ليعملن خادمات عند الفرنسيات .
    جميعهن وعلى امتداد جغرافية الجزائر ، كن رغم تعدد أسمائهن، يحملن اسما واحدا ، "فاتما " أي فاطمة التي ننطقها فاطنة بخاصة في الريف الجزائري. وتسمية "فاتنا " من قبل الاستعمار كانت لإذلال الشعب الجزائري من خلال إهانة رموزه ومقدساته . علما أن آل البيت لهم مكانة مقدسة عند الشعب جزائري. يبدو أنها من آثار العهد الفاطمي . فكان نصف الشعب يسمي مولوده "السيد علي" أو كما ننطقها "سيد علي " بكسر السين وتسكين الدال . والنصف الأخر يسمي البنات: فاطمة الزهراء . أما التوءم فتحصيل حاصل ،الحسن و الحسين وكأنه فريضة دينية مقدسة .
    وهناك بحوث أكاديمية تؤرخ لتاريخ الوعي الثوري في الجزائري تذكر دور ما نطلق عليه " المدّاح " الذي يسمى عندكم الحكواتي و المدّاح كان يتجول في الأسواق الأسبوعية في الأرياف وله حكاية واحدة يرددها بأساليب مختلفة . وهي غزوات علي بن أبي طالب ومحاربته للكفار، فكانت الناس تتجمع حوله وهو يقدم سرديته بطريقة أسطورية حد الخرافة ، كأن يقول مثلا أن علي بمجرد ما يحرك سيفه شمالا يقتل دفعة واحدة ألفا من الكفار أما أذا حركها يمينا فإن القتلى يكونون بالآلاف . . وكان الناس الحاضرين في السوق يكبرون ويهللون .
    ثم يضيف المدّاح حكايات ما أنزل الله بها من سلطان ، عن دور فاطمة الزهراء وشجاعتها وبطولاتها الخارقة التي كانت تشق أرض المعركة حاملة معها الزاد و الزواد لزوجها علي، الذي كان يقود المعارك لأسابيع متواصلة و بدون انقطاع ،لا ليل ولا نهار . لقد كان الناس في السوق يصدّقون ويكبرون ويهللون ويبكون من شدة التأثر . لأن المهزوم يبحث على انتصارات حتى لو كانت وهمية .
    لهذا كان رد فعل الفرنسيين حاقدا منتقما، فيسمون الخادمة الجزائرية " فاتما "و الخادم " ألي"
    لكن فاطمة تجلت روحها في جميلة بوحيرد و نوارة نجم

    ردحذف
  4. صباح الورد من السعودية لحبايبنا في مصر. والله انا معك في من لا يبالون بنظافة و جمال المنظر العام و بيوتهم من الداخل ماشاء الله ما تقرب لعتبة الشارع من بعيد و لا من قريب. والله يجعل مصير مصر ام الدنيا اجمل من نهاية حكاية سندريلا و تسير بلد يشار له بالبنان في العلم و التقدم و العدالة الاجتماعية

    ردحذف