الثلاثاء، 5 يونيو 2012

"محدّش بيكتبها بالسّاهل"!

طيّب: أنا أجلس أمامك ياآلة الكتابة مبتهلة إلى الله أن يرزقني، بحوله وقوّته، القدرة على تحويل زحمة دماغي إلى قول مفيد؛ فائدته الأولى أن ينجيني من سكتة أو جلطة دماغية، فمصر التي في خاطري وفي دمي صعبانة عليّ وقد اختلط حماس ثوارها المخلصين بتكالب النشالين والنصابين، يدفعونهم جانبا  ليتمكنوا من  احتلال سرير الثورة ذئابا يتلمظون لالتهامها واقصاء جنودها، جبرا وجورا،عن ساحة العطاء المرجو لنهضة البلاد.

إن الذين تربوا وترعرعوا في أحضان حقب الإستبداد والدكتاتورية العسكرية في أشرس أحوالها أتقنوا على مدى السنوات والعهود حرفة التدليس؛ بتسمية الأشياء بغير  حقيقتها والجدل بالباطل ليدحضوا به الحق، لا يتوانون لحظة عن انتهاز الفرص لإدخال بغلهم قسرا في الإبريق بأي شكل وبكل حيلة ولا يتوقفون بنفس الوقت عن رمي غيرهم بالتكويش و"الفاشيستية الدينية".

تقرأ لمن يكتب مؤيدا الفريق أحمد شفيق بحيثية أنه: "صاحب المرجعية العسكرية التي تقدّر معنى الضبط والربط"، لأن "الشعب يريد الاستقرار والانضباط بعد عام ونصف من التمرّد"؛ نعم هكذا جاءت الصياغة بنعت الثورة الشعبية المصرية الباسلة  بـ "التمرد"! والمدهش أن هذا الكلام، المطالب بوضوح بـ "الفاشستية العسكرية"، لايخجل من ترديد كلمة "الديموقراطية" يلوكها في كل إتجاه كأنه يمسح بها البلاط ويمرمط بها الأرض! (راحع مقال دكتورة هدى عبد الناصر بجريدة الأهرام السبت 2 يونيو 2012، ص 12).

"لو شاف الجمل سَنمه كان وطّّى عليه قطمه"، مثل شعبي مصري ينطق سَنام الجمل "صَنمه"، بمعنى لو رأى الجمل قبح حدبة ظهره لانحنى يقضمها! لكن أنّى للأحدب أن يستقيم له قوام من دون أن يقر أولا بأنه أحدب يحتاج بالضرورة لعملية تغيير دقيقة تشدّه إلى الإستقامة الصالحة؟

لا أعرف معنى لمجموعة مصطلحات مفتعلة إبتلتنا بها مهارات السفسطائيين؛ ما معنى "الإسلام السياسي"؟ ما معنى "الفاشستية الدينية"؟ ما معنى "دولة المرشد"؟ هذه كلها تنابزات، أي شتائم، من  خصوم لا يرتضون بـ "آخر" يحيل أمره إلى مرجعيته الإيمانية التي تحرص على ألا تجعل "هذا القرآن مهجورا"!
 لا شئ هناك اسمه "إسلام" سياسي وغير سياسي؛ "الإسلام" هو إسلام الوجه لله سبحانه  وحده لا شريك له، فكيف أسلم وجهي لربي وأنا "فاشستي"؛ أي وأنا ظالم للناس قاهرا لهم ذابحا قاتلا طاغيا مستبدا؟ هكذا بالعقل: كيف لمن يعاهد ربه بأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين أن يكون خصم عهده في الدنيا والآخرة؟ إن خيانة العهد لا تخوّل للخائن ربط خيانته بالدين، ثم ما معنى "إسلاميين"؟ هناك: "مسلمون" ومفردها "مسلم".

وكيف يحق للمستريب إدعاء دولة لـ "المرشد" ولا يقر بأن هناك دولة لـ "رئيس الحزب"؟

وكيف حدث أن صارت المرجعية الدينية الإيمانية وصمة، على صاحبها أن ينفيها أو يتبرأ منها، بينما يتباهى غيره بأنه، والحمد للشيطان، تابع لمرجعيات ما أنزل الله بها من سلطان؟

عنت الوجوه لك يا حي ياقيوم وقد خاب من حمل ظلما.



هناك 8 تعليقات:

  1. الأستاذة الفاضلة ألف تحية من الجزائر

    الانتقام بأثر رجعي
    لقد عدت إلى مقال الست هدى ، وبعد ما فرغت منه ،وهو مقال" خفيف" بدا لي أن الدكتورة هدى ،التي أصرت أن تعرف نفسها للقرأء أنها عضو هيئة التدريس بجامعة القاهرة وأنها أستاذة النظم السياسية .بدا لي أنها لا تدافع عن الفريق إنما عبرت عن كره للإخوان لأسباب تاريخية .

    ردحذف
    الردود
    1. وهل يجوز هذا؟ وتسمي الثوار متمردين؟ لا عجب طبعا فهي ابنة أبيهاالقاتل السفاح الذي فتن المؤمنين والمؤمنات ولم يتب!

      من الذي له حق الإنتقام؟ القاتل أم المقتول؟

      الله يحرس مصرنا من كل أفاك أثيم.

      حذف
  2. جزاكي الله خيرا علي ماتكتبين

    وزادكي علما وتقوي ايتها السيدة الفاضلة

    تحيتي

    ردحذف
    الردود
    1. ياسواح لاتقل "جزاكي" و "زادكي" وقل "جزاك" و "وزادك"؛ إضافة الياء خطأ شائع فكن من أئمة المصححين. لك الشكر.

      حذف
  3. الأستاذة الفاضلة ألف تحية من الجزائر
    في تعليق لي على ندوة أقامتها إحدى الصحف عندنا مع مجموعة من أساتذة الجامعة حول الثورات العربية، وكان جميع من حضر الندوة أصدقاء وزملاء بما فيهم صاحب الجريدة الذي أدار الندوة . ولقد اخترت للتعليق عنوانا فيه الكثير من الاستفزاز وهي عادة اتبعها فيما أنشر في الإعلام حتى استفز القارئ وأثير انتباهه وفضوله . العنوان كان " الثورات العربية وتاكسي الغرام " وهو موجود على النت سوف أكون في منتهى الفرح و السعادة إذا تكرمت الفاضلة الأستاذة صافي ناز وقامت بإطلالة عليه .
    من ضمن ما جاء في التعليق أن الثورات العربية من أعظم انجازاتها أنها أسقطت الواحد الأحد وانتقلت إلى الكثرة و التعدد ،طبعا بالمعنى السياسي، وما كنت أقصده أن الثورات العربية لم تسقط فقط الديكتاتوريين ، إنما أسقطت من كان يراهم البعض مثلا عليا أو قدوة حسنة وبهذا المعنى فالثورات العرببة: من جهة حررت الشعوب العربية من الأوهام والأوثان ، ومن الجهة الأخرى أدخلت الجماهير إلى التاريخ فأصبحت صانعة له بمعنى آخر أصبحت ذاتا صانعة للتاريخ وليس موضوعا ، وهذه الوضعية التاريخية الجديدة ينشأ عنها وضعا بالغ الصعوبة .
    لأن دخول الجماهير التاريخ تكتشف معه أنها قوة حقيقة وبدونها لا يصنع التاريخ ،فتكتسب بذلك الثقة في النفس فتتصدر الأحداث و لا تبالي بالتضحيات . هذا الاكتشاف يزعج الكثير من النخب التي تعودت على ممارسة الوصايا على الجماهير ، وفي الكثير من الأحيان تتخذ هذه النخب موقفا عدائيا من حركة الجماهير متهمة إياها بالغوغائية وعلى سبيل المثال موقف الأستاذ الإمام محمد عبده من ثورة أحمد عرابي لقد كان مترددا كثيرا في تأييدها .
    هنا ينشأ سؤال لماذا هذا الموقف من النخب أو بعض النخب لأنه ببساطة شديدة يفقدها شرعية تمثيل الجماهير التي كانت تساوم الأنظمة باسمها . وهناك حالات أخطر فالعض يرفض شدة الواقع الجديد ويظل يتشبث بالماضي و مُثُله لأن سقوط تلك الأوهام لايعي إلا شيئا واحدا وهو فقدان الشرعية الحاضرة التي اكتسبها من ذاك الماضي.
    وإذا طبقنا هذا على الدكتور هدى فهي متشبثة بالماضي حتى لا تفقد شرعية الحاضر . ولعمري هذا هو الوهم بعينه

    ردحذف
  4. أتفق معك في بعض ما قلته، ولا أذكر أن محمد عبده كان مترددا في تأييد أحمد عرابي، لابد أن أراجع هذا الأمر لأن الذاكرة صارت تخونني كثيرا لكنها والحمد لله مازالت تذكر بوضوح كل مصائب عبد الناصر.

    ردحذف
  5. الأستاذة الفاضلة ألف تحية من الجزائر

    محدش بيكتبها بالساهل ،ومحدش يقنع النوارة أن تنحية شفيق معركة قانونية لا تتحق بالإضراب عن الطعام .الله يكون في عونها

    ردحذف
    الردود
    1. نوارة تحاول بإضرابها إقناع من يملكون خوض المعركة القانونية بخوضها، كان الله في عوني كذلك. الصراصير هاجت كلها في الفضائيات تحاول تشويه وتسفيه المنطق الثورى، وميليشيا سوزان في نوادي الروتاري والإنرويل والروتر أكت والليونز تنشط بكل شيطنتها وأكلة لحوم البشر لا يتوقفون عن المضغ والبلع. أمس كان على السمان شادد حيله على قناة الحياة مع المخيفة لبنى عسل يكرر كل سموم هيكل. آآآآآآآآآآه ياضهرك يا بلدنا!

      حذف