الجمعة، 7 ديسمبر 2012


الوردة البيضاء

الذي يخاف على نفسه من نثر قشر اللب بوجهه عليه أن يحل مشكلته بشكل شخصي؛ صار المذياع المرئي، واسمه الشائع هو "التلفزيون"، يسبب لي فزعا لا يحتمل حتى أنني لا أغامر بمشاهدته إلا في النادر، ومن هذا النادر أن يتم الإعلان في ذكرى عبد الوهاب و أم كلثوم وأسمهان وليلى مراد ورجاء عبده ونجيب الريحاني عن عرض لأفلامهم؛ إذ تستهويني فيها رؤية شوارع القاهرة في الثلاثينيات والأربعينيات، كما يستهويني نسق الأثاث والعمارات والشقق ولغة الحديث ونطق الكلمات، فوق حلاوة غناء عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد ورجاء عبده وأسمهان وعبقرية نجيب الريحاني التي لم تتكرر حتى يومنا هذا.

البعد الزمني لهذه الأفلام، الذي قد يتعدى نصف القرن، يحقق الانفصال المرغوب عما نشاهده فنلاحظ أبعادا جمالية، لم تكن مقصودة غالبا. لأم كلثوم أفضل فيلمها "نشيد الأمل"، وأفضل لعبد الوهاب فيلم "الوردة البيضاء"؛ نرى الممثلة سميرة خلوصي أمام عبد الوهاب لا تتكلم كثيرا وإذا تكلّمت فبعبارة أو عبارتين لا لزوم لهما، مثلا تسأل عبد الوهاب: "ده دفتر تليفون؟" فيرد قائلا: "أيوه"، فتقول: "عندنا واحد زيه فوق"! ولا بد أن نضحك، ليس برفض الركاكة بل لتحبيذها لأن الركاكة هنا واقعية جدا، فهكذا تماما يبدو المحب ركيكا عندما يريد أن يجر خيط الكلام مع حبيبه فيتمحّك بأي كلام. سميرة خلوصي مع ذلك تقول الكثير بالصمت وبإيماءات رأسها التي تتابعها الكاميرا متابعة ايقاعية رشيقة وغاية في الجمال. إنني أرى سميرة خلوصي بلفتاتها، جريا أو مشيا أو سكونا، هي الوردة البيضاء.

أنا أحب فيلم "الوردة البيضاء"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق