الجمعة، 31 أغسطس 2012


في بحبوحة الدولة المدنية

غالب أمري يكون من الضروري سحب الكهرباء من المذياع المرئي لتحصين نفسي ضد هجمات "التوك شو"، مطحنة الرغي في لغتنا الصحيحة، التي يبثها المذكور بكل قنواته وفضائياته؛ تخرج كل ربابة بموالها يعزف عازفها ويغني منشدها الإجترارات البدهية بأصنافها المتعددة التي، في عمري هذا الطويل، خبرتها وحفظتها أذناي، حتى الملل، مع مرور حقب الزمان وعقود السنين. لا تعديل في المنطق، ولا تصويبات للأخطاء، ولا تصحيحات للزور والبهتان، ولا اهتمام يراعى جراح البلاد والعباد، الجديد فحسب هو اتساع رقعة منصات انطلاق متفجرات الكلام الخارجة من حاويات الأذى، التي كانت محدودة ومحصورة بقصور الإمكانيات في عقود الأربعينات حتى التسعينات من القرن العشرين إلى أن فتحت الألفية الثانية مغاليق الصناديق، وهو ماتم تسميته "ثورة الإتصالات"، وطارت وطاويطها من محابسها لتلبس في وجوهنا صباح مساء توسوس وتصوصو وتصفر وتنهش وتمصمص ولا مجال لطردها ولو بالطبل البلدي.

شعوذة "الإسلام فوبيا" تتسع وتنشط وتبذل الجهد مستغيثة بـ "الوسطية" و "الدولة المدنية"، كأن مصر، بكل مهرجاناتها الفنية التي تلبس فيها فناناتها "من غير هدوم"، تعاني من التزمت حتى يتوجب علينا النصح بـ "الوسطية" دفعا لخطر الدولة الدينية الوهمية التي مافتئ بعض الزاعمين يدّعي بأنها تناطح الدولة المدنية القائمة  منذ زمن ولا ينقصها قول مغن: "عمّاله أدوّر عليك أتاريك هنا جنبي"!

أنطلق إلى شريط أغنيات لعبد الوهاب أتفاكه مع مواله: "مسكين وحالي عدم" وحتى تبدأ "النيل نجاشي حليوه أسمر" أكون قد وصلت مع صوته الشجي إلى كلمات الشاعر شوقي العابثة: "جات الفلوكة والملاّح ونزلنا و ركبنا، ... ودارت الألحان والراح، (أي الخمر)، وسمعنا وشربنا......هيلا هوب هيلا... صلّح لي قلوعك ياريّس..."!

هذا المجون مع الغرام والشراب الذي ساقه شوقي وصفا إلى أسماعنا في بحبوحة الدولة المدنية، على مدى مايقرب من قرن، لم يمنعه من التضرع إلى الله سبحانه بالدعاء:

"وقى الأرض شر مقاديره،
لطيف السماء ورحمانها،
ونجى الكنانة من فتنة ،
تهددت النيل نيرانها"!

بهذا الجمع بين النقيضين نعترف: "هيّ دي مصر يا عبلة"!



هناك 6 تعليقات:

  1. الأستاذة الفاضلة ألف تحية من الجزائر
    ما ازعجني كثيرا رد فعل الصحافة و بعض النخب على جملة قالها الدكتور عصام العريان حول اليسارالمصري .علما لقد كان وصفا عميقا و بلغيا وهو وصف يشمل حتى اليسار العربي .
    حتى النوارة هي الأخرى هاجمت عصام العريان في آخر مقال لها بالتحرير .

    ردحذف
    الردود
    1. معك حق وما كتبته نوارة لم يعجبني لكنها حرة، وكل واحد مسؤول عن نفسه أمام الحكم العدل سبحانه، غفر الله لإبنتي وهداها آمين.

      حذف
  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أم العروسة
    الليلة فقط عرفنا بخبر عقد قران نوارة. ألف مبروك ليكي وألف مبروك لعم أحمد وطبعا ألف مبروك لنوارة ومحمد. بالصدفة عرفت الخبر من الفيس بوك ، وكنا كلنا في البيت ، أنا وزوجتي وولادنا ووالدتي. أنا صرخت وقلت لهم نوارة تجوزت. الكل جرى الى جواري يزاحمني النظر على صورة الفرح. كله : ورينا ورينا ورينا. حتى أمي اللي ملهاش في الكمبيوتر ، حاولت أن تجد لنفسها مكان بين صغارنا لتشاهد صورة العروسة. ثم سألتنا : نوارة مين؟ حاولت زوجتي توضح لها وتقول لها نوارة بتاعة الثورة اللي كانت بتشتم حسني وزغردت يوم التنحي .. نوارة يا حاجة اللي لابسة طرحة وحجاب .. نوارة يا حاجة اللي شبه مي بنتنا. قالت لها: آآآآآآه بنت الراجل العجوز أبو جلابية اللي بيشتم ولا يهموش حد؟ ردت عليها : عليكي نور هي دي نوارة. كان هذا عن أمي ، لكن بقي الصغار. الذين أسرعوا لأختهم مي بطرحة من طرح والدتهم ووضعوها على رأسها وزفوها قائلين : مبروك يا نوارة. استمر الوضع في بيتنا لفترة ما بين الكلام عنكم والبحث عن مزيد من الأخبار والصور للعرس.
    احنا مش من بقية أهلكم ، ولا من جيرانكم ولا من معارفكم. لكن بيتنا بيحبكم كلكم حتى وانتوا متعرفوناش. احنا بنحب الناس دي ونتابع أخبارها. ونفرح لفرحهم وننقهر لو حد زعلكوا. عارفين ليه الحب والتواصل ده؟ لأن انتوا برضه عملتوا لنا كتير وحبتونا برضه مع اننا مش بقية أهلكم ولا حتى تعرفونا. شكرا على كل لحظة ألم ضاعت منكم علشانا وعلشان مصر. ومبروك يا أم العروسة ، وربنا يتمم فرحتك بحفيد أو حفيدة يملا عليكي البيت. مبروك يا عم أحمد وعقبال ما تفرح بأختها اللي باقية. نوارة تعبت كتير ونسيت نفسها كتير ونامت على الرصيف كتير وتحملت قهر واهانات كتير ، لكن من حقها الليلة انها تفرح ، واننا نفرح بيها. وفي الغالب بيقولوا للعريس خللي بالك من العروسة ، الا اني بقولك يا نوارة خللي بالك من محمد ، واخلعي ثوب الثورة خارج البيت ، ويلا منتظرين منك ثورجي أو ثورجية نونو. بارك الله لكما ، وبارك عليكما ، وجمع بينكما في خير.

    ردحذف
  3. ياريت تكتب عن عقد قران نوارة

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا للجميع، أنا مثلكم تماما لما عِرفْت فرحت!

      وليست هناك أخت باقية لنوارة: زينب بنت أميمة تزوجت من سنه تقريبا، وعفاف الكبرى بنت فاطمة أرملة ولها بنتين وولد.

      محمد حسن زوج نوارة يصلّي ويصوم ويعبد الحي القيوم وهذا كل ما كنت أطلبه من الله لإبنتي والحمدلله.

      حذف