الخميس، 21 أكتوبر 2010

أهل كايرو ليسوا أهل القاهرة

خرجوا من قاهرة المعز لدين الله والتحقوا بـ "كايرو" السياحة والصفقات واللعب في الطبائع والتلاعب بالقوانين وتزييف القيم وتغيير الملامح تحقيقا للمصالح الفاسدة: هذا هو تلخيص صفة "أهل كايرو"، الذين هم ليسوا "أهل القاهرة"، في المسلسل الذي لاحقته بعد انقضاء شهر رمضان الفضيل، تأليف الشاب النابغة بلال فضل وإخراج نابغة شاب آخر اسمه محمد علي وبطولة خالد الصاوي ورانيا يوسف وكندة علوش وكارولين خليل وزكي فطين عبد الوهاب، (ابن ليلى مراد)، ومجموعة بديعة من الممثلين المعروفين وغير المعروفين.

يشد هذا المسلسل، بغايته النبيلة، الإنتباه لتكامله وتوازنه وإحكامه الفني عبر العناية بكل أطرافه الرئيسية والفرعية والتي تبدو هامشية؛ إنه عمل فني يحقق مايمكن إيجازه بقول: تم كما يجب أن يكون.

في مزج ذكي ولطيف بين الدعابة والجدية والمزاح والغضب والبشاشة والحزن، وهي سمات مصرية أصيلة يحرص عليها المصريون، تضافرت جهود المؤلف والمخرج لبيان نتائج تحقيق حثيث، هدفه كشف دوائر قتلة الوطن المستترين وفضح جرائمهم بأذرعها الأخطبوطية المتحالفة للإفساد والتخريب وضرب مصالح البلاد والعباد المرتجاه بإلحاح، تحقيق تفصيلي دؤوب، لا يترك شاردة ملهمة ولا واردة مفحمة، أخذ مجاله في حيز ضيق محصور ومحاصر لا يخرج عن الفندق الفخيم 7 نجوم وشركات ومكاتب ومنتجعات مترفين، من رجال أعمال ووزراء وصحفيي الفضائح وكتاب الضلال والتضليل ونساء متسلقات، إختلطت في غرفهم وحدائقهم وأحواض سباحتهم شهوات المال والجنس والسلطة والتسلط باتفاقيات تبادل المنافع برعاية مبادئ الأبالسة والشياطين. تحت غطاء ما قد يبدو أنه بحث عن قاتل لسيدة مجتمع شهيرة صباح حفل عرسها الصاخب في الفندق 7 نجوم، والذي تم افشاله بتدبير من زوجة غيور لرجل أعمال كان على علاقة بالعروس، كانت الحيلة الدرامية الموفقة للسعيٍ نحو الهدف الأكبر والأهم ألا وهو: تسليط الضوء والإنتباه على قتلة الوطن المستترين.

لم يخترع المؤلف بلال فضل تفصيلة واحدة يكذبها الواقع حتى يتهم بأنه يلبس نظارة سوداء، فالواقع شهد دوي مقتل سوزان تميم وتوابعه، ومن قبلها المغنية ذكرى، وحوادث أخرى كثيرة لامست فنانات وراقصات شهيرات لعبن الخطر مع رجال لهم شأنهم في مدارات الثروات وفي تأثرهم وتأثيراتهم في حراك السلطة الحكومية والإعلامية.
إن الدخان السام؛ المتصاعد من أخبار الفساد والمفسدين، الذي ظل "أهل القاهرة" يستنشقونه كان لابد أن تتحرر منه الصدور وتشفى عبر عمل فني لا يكتمه ولا يداري سوءاته، عسى أن يسترد البدن القاهري صحته، وعسى أن يدرك "أهل كايرو" أنهم مرصودون موصومون وإن نالوا إخلاء سبيلهم على كر السنوات.

هناك 3 تعليقات:

  1. السلام عليكم-- للاسف ياسيدتي هذا المسلسل قد رصد اخلاقيات مجتمع كامل قد تغيرت اخلاقه ومثلما تغيرت في القمه واقصد اهل الثروات تغيرت ايضا في القاع عند المعوزين والفقراء ولا تنسي يااستاذتنا الفاضله ان اهل القمه اليوم كانوا اهل القاع بالامس وما ادراكي هي ازمه ضمير اصبحت عند كل الناس تحيه لكي ياستاذه  

    ردحذف
  2. (لم يخترع المؤلف بلال فضل تفصيلة واحدة يكذبها الواقع)
    ليته اخترع ! لاكن وللاسف اظن ان الواقع اسوا بكثير

    ردحذف
  3. استاذة صافيناز

    ""عسى أن يسترد البدن القاهري صحته، وعسى أن يدرك "أهل كايرو" أنهم مرصودون موصومون وإن نالوا إخلاء سبيلهم على كر السنوات.
    **********

    ذاك حلم اهل الورق والكتابة
    وجانب من رسالة كل مهتم بالشأن العام منهم

    علاقة الزنا بين اهل السلطة واهل المال
    لم تعد خافية على احد من اهل المحروسة

    وتحية وتقدير لكل من يقف امام الاستبداد
    بكل الوسائل الممكنة


    ولك كامل محبتى وتقديرى

    ردحذف