الأحد، 18 أغسطس 2013

في حياتي بلطجي!


بلطجي كلمة مركّبة تعني صاحب البلطة الذي يضرب الناس في الأسواق ببلطته أو يقطع عليهم الطريق مهدّدا باختيار سلب أموالهم أو حياتهم، وتطوّر مدلول الكلمة ليشمل كل من يمارس جريمة الابتزاز التي لها صورة متكرّرة استهلكها الأدب واستهلكتها دراما السينما والمسرح؛ يظهر الرجل الشرير الفاسد في حياة الإنسان الناجح الشريف ليؤرّق ليله ويكدّر عليه أوقاته بافتراءات وأكاذيب مُخترعة تستهلك الطاقة وتضيّع الوقت لتفنيدها ودحضها، ودائما حين كنت أشاهد هذه المواقف أقول: العظة هي ألا يخضع الشريف البرئ لأي تهديد مهما كان الثمن.
رغم حياتي العريضة الواسعة التي مكّنتني من رؤية نماذج كثيرة متنوّعة من الناس إلا أنني كنت أحمد الله إذ لم يكن بينهم "بلطجي" حتى ظهر لي، في حياتي المهنية، ذلك النموذج منذ سنوات كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يستكمل لي كل أنواع الابتلاءات ليكثر حمدي وشكري له لأني أعلم بيقين أن العاقبة للصابرين.
تُخطئ السينما حين تصوّر نموذج البلطجي في سمات بلطجة واضحة مُنفّرة كالتي قدّمها فريد شوقي ومحمود المليجي وعباس فارس؛ فالبلطجي يمكن أن يتخفى وراء سمات الدماثة النصّابة والنظافة الشكلية والتأنق والثراء بل والثقافة والدعوة الإسلامية، فهو لابد يكون على درجة موهبة عالية في الكذب وتمرّس مُتقن لحيل الخداع والإيهام، ينطق الزور والبهتان بثقة ويخوض في الأعراض غير متأثم، يتلصص على العورات ويتملّك شهية متلذذة بالتهام لحم البشر. مثل هذا البلطجي تراه ينصب فخ الدماثة المزوّقة المزيّفة متمسكنا، حين الحاجة، يفرش بساط المبدأ وعليه شهد العقيدة مُقدّمات داهية فلا يقع في مصيدته سوى المثاليين الحالمين بالتقوى والغايات النبيلة، إلا أن "المثالي" الحالم بالتقوى والغايات النبيلة ليس مُغّفلا، والحمد لله، بل هو عادة صريح، مُباشر، عالي الصوت، واضح النبرات، حاسم الخطوة، تجده، حين ينطوي أمامه بساط "المبدأ" وتتكشف من تحته قنوات التجارة وسراديب الصفقات المريبة والنصب الدولي، لا يتردد في إطلاق زئير رفض أسد غاضب أوقعه حظه العاثر في زريبة خنزير، وعندها تبدأ أقنعة الدماثة تتهاوى الواحد تلو الآخر، ليواجه "المثالي" المخدوع وجه "بلطجي" فاقد المروءة يحاصره بعضلات الإفك المفتولة وبقدرات الخانعين أعوان جبروت الثراء الفاسد وإمكانات رشاوى المال النجس وفحيح عملاء شبكة المصالح العطنة.
تبدأ جولات البلطجة عادة بغارة يشنها البلطجي على "المثالي" ظانا أن نبل المثالي سوف يجعله فريسة سهلة للإبتزاز؛ إذ أنه صاحب سمعة شريفة يحرص عليها، وتعتمد غارة البلطجي أسلوب إشاعة قول السوء والإفتراءات الماسة بالشرف، يصدق فيها المثل الشعبي المشهور: "كلّم المنحرف يدهيك واللي فيه يجيبه فيك"، فالبلطجي  يحب التقرّب من الشرفاء ليشد عليه، من سمعتهم الطيبة، غطاء يخفي دنسه أما وقد منعه الشريف هذا الغطاء فلماذا يُبقيه له؟ لابد إذن أن يمد أياديه المُلوّثة ليلطخه: منهج تقليدي للبلطجة والبلطجية.
البلطجي لا يقرأ سورة "النور" وحتى لو قرأها لا يخشاها وهي تقول بصريح الآيات الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل إمرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12)"، وتقول أيضا: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّنا وهوعند الله عظيم (15)"، صدق الله العظيم.
 البلطجي لا يخاف الله و يراهن على عفّتك وتعففك وزهدك في الدخول إلى مستنقع فُحش القول والرد على المهاترات فينزل بضراوة يشن الغارات غارة وراء غارة وراء غارة، وتطمعه نصائح الناصحين بالكف، وسعي الساعين بالإصلاح والصلح فيحسبها مؤشرات الانتصار لسطوته فيتمادى في الشر والبغي.
سنوات عانيت فيها من نموذج لهذا البلطجي؛ يؤرق ليلي ويكدر أوقاتي ويروّعني بغاراته إنتقاما مني لأنني حين تكشّف لي دنسه رفضت بحسم أن أكون ستارا شريفا نقيا لفساده وخداعه ونصبه الدولي.
إستطاع بحيل محام متلاعب أن يفلت من دعاوى القضاء البشري، فرفعت دعواي أمام الله الحكم العدل، وما شاء الله كان؛ أرضاني ربي ورضيت والحمد لله رب العالمين.

هناك 5 تعليقات:

  1. الأستاذة الفاضلة ألف تحية من الجزائر
    لماذا لم تجعل أستاذها قدوة
    كانت تعده قدوة ومثلا أعلى ونموذجا يحتذي بها وكانت" تموت " في إسهاماته وأعمدته وكانت تروج له وتطلب من أصدقاء مدونتها ضرورة قراءة كل مقال جديد كانت تطلب منهم ذلك وكأنه واجب مدرسي لتلاميذ مدرسة ابتدائية، وهي تعلم أن من بين أصدقاء مدونتها من يحمل يحملون درجات علمية كبيرة .رغم ذلك كانت تتجاهل كل ذلك .
    اليوم على صفحات جريدة الشروق ينشر أستاذها ومثلها الأعلى وقدوتها " اعترافات" ختارا لها عنوانا مبهما وباهتا " قبل حظر الأسئلة " هي في حقيقتها نوع من صحوة ضمير جاء ت متأخرة .خسارة فعلا خسارة ، خسارة أن تذبل العيون الجميلة

    ردحذف
    الردود
    1. مش فاهمة ماذا تقصد؟ بحثت عن هذا الأستاذ في موقع الشروق ولم أجده، تقصد نوارة؟ ومن هو المقصود بأستاذها؟ رجاء التوضيح مع الشكر.

      حذف
    2. بلال فضل بعد التحريض و التفويض حاول اليوم أن يحفظ ماء الوجه في مقال بجريدة الشروق

      حذف
    3. أيوه يا نور الدين قرأت مقال بلال فضل وهو ممتاز وليس صحوة ضمير فهذا منطق بلال الطبيعي، لماذا أنت غاضب منه؟ وهو زميل نوارة وليس أستاذها ولا مثلها الأعلى ولا قدوتها.

      حذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف