الجمعة، 9 أغسطس 2013

تابع كلامي لإنعاش الذاكرة؛ صدا لكلام واحد اسمه رائد سلامة من التيار الشعبي!

    

«مسألة الزبيبة» من الخواجة إلى المتخوجن أحمد عبد المعطي حجازي!

31/12/2007 الشرق الأوسط

من طرائف نهاية عام 2007، المليء بطرائف اللادينيين، مقولة لواحد متخوجن من كبار المطالبين بتحويل مصر إلى «دولة لا دينية»، واسمها الحركي: «دولة مدنية»، قال صاحبهم، إن مدير مكتب إحدى الصحف الأجنبية، في القاهرة سأله عن الزبيبة «التي تظهر في جباه بعض المصريين لماذا انتشرت في هذه الأيام؟ ولماذا يراها في مصر ولا يراها في البلاد الأخرى؟» سؤال بريء أو متخابث! لا يهم، الأهم أنه قائم على غير حقيقة، فهذه «الزبيبة» التي تظهر في أعلى الجبين أو وسطه، وعلى الركبتين، والتي هي من أثر السجود في الصلاة، والمعروفة لدى المسلمين كافة في أرجاء المعمورة بـ«زبيبة» الصلاة، لم تنتشر في مصر هذه الأيام فقط، إذ هي قديمة ومنتشرة على مدار الزمن الإسلامي منذ سجد المسلمون لربهم على أرض مصر، وغير صحيح أنها لا تظهر إلا على جباه المصريين، لكن صاحبهم، المتخوجن صاحب الخواجة، مع أنه فلاح ابن فلاحين تكثر بينهم «الزبيبة»، وجد في «مسألة الزبيبة» ـ وهكذا صارت على حد قوله «مسألة» ـ حديثا طويلا قال فيه إنه برغم دهشته في البداية من سؤال الخواجة إلا أنه عندما عاد يفكر اعترف بينه وبين نفسه بأن «الزبيبة» أصبحت «ظاهرة منتشرة»، وبناءً على ذلك أضاف تهمة من عنده: «أن هناك مَنْ يبالغون في إحداثها وإظهارها لتكون أولَ ما يلفت نظرهم».

ومن «مسألة الزبيبة» خرج صاحبهم المتخوجن إلى أنها ـ أي الزبيبة ـ ما هي إلا «علامة من علامات أخرى تحمل الدلالة ذاتها» ألا وهي «اللحية التي كانت وقفا على بعض كبار السن، انتقلت إلى الشبان والفتيان الصغار بصورها المختلفة». وبعد أن حدد قائمة الأشكال التي تظهر بها اللحية، اكتشف صاحبهم علامة أخرى، من وسائل ضبط المتدينين، على نسق محاكم التفتيش الغابرة، هي «ثياب النساء وثياب الرجال حتى الأطفال»، ووجد المتخوجن أن الجلباب والطاقية للذكور، رجالا وأطفالا، والحجاب والنقاب، للنساء وبناتهن قرينة دامغة لاستعارة أزياء الإيرانيين والأفغان والباكستانيين ـ المغضوب عليهم من الخواجة أمريكا ـ كأن ميراثنا في مصر، منذ منّ الله عليها بالفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي الموافق عام 20 من القرن الأول الهجري، كان البنطلون والريدنجوت وأثواب السهرة والكاجوال من آخر صيحات بلاد الخواجات، حتى ذهب البعض إلى البلاد الخليجية معارين فعادوا، كما يصر اللادينيون، يمارسون الصلاة فظهرت «الزبيبة»، والالتزام بالمظهر الشرعي، لحية وجلباباً وغطاء شعر النساء إلى آخر ما يسميه حضرته «العلامات»، ومن ثم يبني فوقها سفسطته المتخوجنة متفلسفاً: «هذه العلامات لها على ما يبدو وظيفتان: الأولى أنها تمنح أصحابها هيئة خاصة تميزهم وتفصلهم عن غيرهم، والأخرى أنها توحد بينهم وتكون بهم رابطة جامعة تخلصهم من شعور حاد بالوحشة، لم يجدوا في التنظيمات الاجتماعية أو السياسية الموجودة ما يخرجهم منها ويشعرهم بالدفء والتحقيق والأمان...» ويواصل قائلا: «نحن إذن أمام ظاهرة واسعة مركبة لا تقتصر على الزبيبة...».

هذا المتخوجن لا يمكن أن يكون جاهلا إلى هذا الحد الذي يجعله لا يرى أن أصحاب «الهيئة الخاصة» التي تميزهم وتفصلهم عن القاعدة الشعبية المصرية ليسوا سوى المتخوجنين من أمثاله الذين سماهم الناس، منذ بداية الغزو التغريبي للبلاد «الألافرانك»، وترجمتها المحاكي للفرنجة، وبالمصطلح الأسهل المتخوجن، ولابد أن حضرته كما يقول المثل المصري، «سايق الهبل على الشيطنة»، ليستمر في تكرار حكاية «الزبيبة» مصراً على قوله: «نحن إذاً أمام ظاهرة واسعة مركبة لا تقتصر على الزبيبة وحدها، بل تتعداها إلى علامات ومفردات مختلفة تشترك كلها في التعبير عما يمكن أن نعتبره عدمية قومية»، ولابد أن «نحن» هذه لا تجمعه إلا مع الخواجة الذي سأله عن «مسألة الزبيبة» لأنه، بعد كل هذه الهترسة، لا يمكن أن يجتمع بتحريضاته للاسترابة في كل "علامات" الشخصية المسلمة مع غالبية أهل مصر الذين يطلقون اللحية من دون أيِّ حساسية، عارفين أنها بأشكالها المتغيرة قد تكون لمسلم أو مسيحي أو يهودي أو فنان أو عقائد أخرى، والذين يرون «الزبيبة» سمة غالبة مألوفة لأهل الصلاة يأملون أن تكون لهم نورا يضيء وجوههم يوم القيامة.

إن الذين يعرفون أن مصر ليست بلد الأزهر فحسب، بل هي بلد أول مسجد بناه المسلمون على أرض قارة أفريقيا، مسجد عمرو بن العاص، جوار الكنيسة المعلقة ومعبد يهودي في حي يسميه المصريون الآن «مصر عتيقة»، يعرفون أنها ليست محتاجة لاستعارة أيِّ علامات من هذا أو ذاك.

وأن ما يراه هذا المتخوجن ورفاقه «عدمية قومية» ليس في حقيقته سوى انعكاس صورته المتخوجنة في المرآة، وهي خالية بالطبع من زبيبة الصلاة وإن امتلأت بعلامات أخرى!                      

هناك تعليق واحد:

  1. فعلا يا استاذة صافى ناز

    وهذا ينطبق عليه المثل القديم : ال .... تلهيك واللى فيها تجيبه فيك . . عذرا

    يقوم بعمل اسقاطات على الناس بعيوبه هو

    ردحذف