الخميس، 24 فبراير 2011

علي الطـريق
 الشريعة المسيحية
بقلم: سامح عبد الله
في العصور الوسطي كان ينظر لبابا روما ـ وهو رجل دين ـ باعتباره ملكا فوق كل الملوك وأقوي سلطة سياسية في أوروبا‏.‏ كلمته نهائية وقراراته واجبة الطاعة ولا يستطيع أحد من أمراء وملوك أوروبا مخالفته‏,‏ وإلا كان مخالفا لرؤية البابا‏,‏ ظل الله علي الأرض ويعرضه للخروج من رحمة الكنيسة‏.‏


هذا النموذج مرفوض كلية ولا يمكن لمن يطالب بتطوير النظام السياسي في مصر أن يفكر في منح رجال الدين المصريين سلطات مماثلة وإلا يكون قد ضرب فكرة الدولة الحديثة في الصميم‏.‏
ولكن فكرة الدولة المدنية بالمفهوم الأوروبي عليها مآخذ هي الأخري‏,‏ فهي تنادي بفصل الدين عن الدولة تماما‏,‏ وأعتقد أن المجتمع المصري غير مهيأ في الوقت الحالي للقبول بمثل هذه الأفكار‏.‏
فصل الدين عن الدولة بالمفهوم الأوروبي يعني أن كل القوانين بما في ذلك قوانين الأحوال الشخصية والميراث يجب ألا تستند لمبادئ دينية‏,‏ وإذا قررنا الالتزام بهذه الرؤية الأوروبية فنحن أمام بديلين‏,‏ الأول هو عدم الاقتراب من تلك المناطق الحساسة والقبول بالدين كمنظم لها فنكون بذلك دولة مدنية منقوصة‏,‏ أو تنظيم هذه الأمور برؤية مدنية‏,‏ وهو ما يفتح الباب لفتنة مجتمعية غير مأمونة العواقب‏.‏
وفصل الدين عن الدولة بالمفهوم الأوروبي يعني السماح بممارسة البغاء لأن منعه يأتي من منطلقات دينية‏,‏ وسنواجه المشكلة سالفة الذكر إذا ما قررنا السماح به أو منعه‏.‏
وفصل الدين عن الدولة بالمفهوم الأوروبي يعني أن تتخلي الدولة بالكامل عن التعليم الديني وتتركه للمؤسسات الدينية‏.‏ ماذا نحن فاعلون ولدينا أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي‏..‏ الأزهر؟ هل سنتخلي طواعية عن دور مصر التاريخي في نشر تعاليم الإسلام عالميا عبر الأزهر؟ وهل سنترك الساحة الدينية لجماعات لا تعرف من الدين إلا قليلا ولا تري من الإسلام إلا اللحية والجلباب والنقاب ومنع النساء من العمل‏.‏
أعتقد أن ما نحتاجه الآن هو حالة وسطية بين الأمرين‏.‏ نريد دولة يحكمها نظام يستمد سلطاته من الشعب بطرق ديمقراطية‏.‏ دولة مدنية لا سلطة لرجال الدين فيها ولكنها تحترم الأديان‏.‏ وإذا كان الدستور يعتبر الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع فلنضف فقرة جديدة تشير إلي احترام جميع الشرائع السماوية‏,‏ وهو مبدأ إسلامي‏,‏ بما في ذلك الشريعة المسيحية.

هناك تعليقان (2):

  1. باختصار يريد الأستاذ ياسق مصغر شبيه بذلك الذي حكم به التتار بلاد المسلمين!
    هذه (الحلول) المذبذبة لا تزيدنا إلا وهنا وتنازعاً واختلاقاً للمعارك الوهمية مع مافيها من ظلم وإجحاف كما أشارت أستاذتنا بارك الله فيها.

    ردحذف
  2. آفة آفات العلمانيين المتغربين أنهم يخلطون بين الظروف التي نشأت فيها العلمانية في أوروبا وبين واقعنا الإسلامي الذي لا يوجد فيه ما يسمى "رجال الدين"...
    يا أستاذ سامح: هل يوجد لدينا في الإسلام مفهوم "رجال الدين" أو "ظل الله على الأرض" أو "فصل الدين عن الدولة"؟؟
    كيف تخلط أبو قرش على أبو قرشين؟
    نحن لا نعرف في الاسلام إلا الدولة المدنية القائمة على الشريعة الاسلامية والتي لا يجوز فيها تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله...
    الدولة الاسلامية التي يختار فيها الشعب حاكمه والتي يكون فيها الحاكم والحكومة وكل موظف عام مجرد خادم عند الناس ومسئول منهم ومن حقهم أن يعزلوه ويولوا غيره..
    الدولة الاسلامية التي تعطي لكل ذي حق حقه ولا تنتقص من حقوق مواطنيها من غير المسلمين ولا تفرق بينهم وتعاملهم كبشر مكرمين...
    الدولة الاسلامية التي يرى الفقهاء أن بناء الكنائس فيها من عمارة الأرض...
    كيف تخلط هذا الواقع المضيء الذي عشناه لأكثر من ألف وأربعمائة سنة بعلمانية أوروبا التي كانت رد فعل على تغول الكنيسة واستبدادها واضطهادها للناس؟
    بالمناسبة سؤال بسيط يكشف عن ذكاء من يجيب عليه: هل تستطيع وضع بعض الملابس في كيسة الكمبيوتر وتاخدهم فمين؟

    ردحذف